ثم قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك قول مجاهد ، وهو أن الله تبارك وتعالى خلق لكل ما خلق من خلقه ثانيا له ، مخالفا في معناه ، فكل واحد منهما زوج للآخر ، ولذلك قيل : زوجين.
وإنما نبه جل ثناؤه بذلك ـ نبه خلقه على قدرته على خلق ما يشاء خلقه من شيء ، وأنه ليس كالأشياء التي شأنها فعل نوع واحد دون خلافه.
إذ كل ما صنعته فعل نوع واحد دون ما عداه ، كالنار التي شأنها التسخين ، ولا تصلح للتبريد ، وكالثلج الذي شأنه التبريد ، ولا يصلح للتسخين ، فلا يجوز أن يوصف بالكمال.
وإنما كمال المدح للقادر على فعل كل ما يشاء فعله من الأشياء المختلفة والمتفقة (١) اه.
ولو أننا تتبعنا كتب المفسرين على اختلاف مناهجهم من السلف والخلف إلى عصر النهضة العلمية ، لوجدناها متفقة تقريبا على هذا الذي قاله الإمام الطبري رحمهالله تعالى ، مع توسع بعضهم في تعداد الأنواع التي لها ضد أو نقيض ، أو ند أو شبيه ، واختصار بعضهم الآخر واكتفائه بذكر الذكر والأنثى.
وهذا هو الذي كانوا يشاهدونه أو يعلمونه رضي الله عنهم.
ما تحتمله الآية من الدلالة :
ولكن هل هذا الذي ذكروه هو كل ما نستفيده من هذه الآيات التي تتحدث عن خلق الزوجين ..؟.
الجواب وبكل تأكيد : لا ..
__________________
(١) الطبري : ٢٧ / ٧.