٤ ـ الاخبار عن عصمة الله لرسوله
من الناس
وهذا ضرب آخر من الإعجاز في الإخبار عن المغيبات ، ربما كان أبلغ في الدلالة على أن القرآن من عند الله ومن كلامه ، وليس من صنع البشر ، ولا من إيحاءاتهم ، وذلك لأنه في هذه المرة يتعلق بشخص نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام ، فهو من الأمور التي تستحيل فيها المزايدات ، ويستحيل فيها التغرير والخداع والمجاملات.
إننا جميعا نعرف ما كان يلاقيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم من عنت ، بسبب أذى المشركين.
كما أننا جميعا نعرف أن كثيرا من المشركين كانوا يتربصون برسول اللهصلىاللهعليهوسلم الدوائر ، وينتهزون الفرص لإلحاق الأذى به ، بل لقتله إن وجدوا لذلك سبيلا.
ولذلك حرص رسول الله صلىاللهعليهوسلم من مكرهم وتربصهم به ، واتخذ لنفسه حرسا من أصحابه ، يرقبون له الطريق ، ويحفظونه من كيد العدو ... إلى أن نزل قول الله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ، وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).
أخبر الله نبيه عليه الصلاة والسلام بأنه سيحفظه من الناس ، وأمره أن لا يلقي لهم بالا ، ولا يخشى منهم بأسا.
إنه لأمر غريب ... الأعداء كثر ، وأقوياء ، وذوو بأس ، والمؤمنون قلة ، وضعفاء ، يتوارون من الخوف ، ويستترون من الضعف ، ورغم هذا ، ورغم احتياج رسول الله للحراسة والاستتار ... رغم هذا كله يؤمر بمثل هذا الأمر الغريب.