كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ، فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ ، فَقالُوا : إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ، ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ ، لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ ، قالَ : أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ ، أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، أَفَلا تَعْقِلُونَ؟ قالُوا : حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ).
إنهم لم يجتمعوا على إحراقه لأنه أخطأ ، ولا لأنه فشل في إقامة الحجة ، ولا لأنه أتى بما لا يعقل ولا يفهم.
إن ما ادّعاه أمر مفهوم ومعقول لكل ذي عقل ، وإنما هو الجحود والعناد ، والكبر والاستبداد ..
فلا يمكن أن يقال : إن ما ادّعاه إبراهيم عليهالسلام من عدم صلاحية الحجارة للعبادة ، وأنها لا تضر ولا تنفع ، شيء باطل ، لأن قومه لم يسلموا له ، ولم يؤمنوا به.
وذلك لأن عدم إيمانهم جحود منهم وعناد ، باعترافهم بألسنتهم.
وما جرى من العناد مع إبراهيم عليهالسلام ، جرى مع غيره من الأنبياء والرسل ، مما لا يخفى على أحد ، وهو عينه ما جرى مع النبي محمد صلىاللهعليهوسلم ، على ما سنبينه أيضا بأقوالهم بعد قليل إن شاء الله.
وهذا العناد ليس مع الأنبياء والرسل فقط ، وإنما هو عناد مع كل حقيقة من الحقائق عبر التاريخ.
فالعناد هو العناد ، لا يختلف باختلاف الزمان ، ولا المكان ، ولا الأشخاص.
وهذا يظهر جليا واضحا في المثال الثاني الذي سنضربه الآن ، وهو عناد الكنيسة في العصور الوسطى في أوروبا ، مع الحقائق العلمية.
عناد الكنيسة مع الحقائق العلمية :
لقد مارست الكنيسة باسم الدين أبشع أنواع الطغيان والاستبداد ، مع