لقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم عن بعض الأمور الغيبية ، وأخبرنا أنها ستقع ، ووقعت هذه الأمور التي أخبر القرآن عنها على نحو ما أخبر ، مما يعرفه المؤمن والكافر ، والبر والفاجر.
وليست الغرابة في الإخبار عن أمر ، ووقوع الأمر على نحو ما جاء به الخبر ، ففي كل زمان ومكان نجد من الناس من يتنبأ ، ويخبر عن أمور ستقع في المستقبل ، وقد تقع الأمور على نحو ما أخبر به ، وقد لا تقع.
فإذا وقعت على نحو ما أخبر به ذلك المتنبّئ عزاها الناس إلى الصدفة في كثير من الأحيان ، ولا سيما إذا كان ما تنبأ به المتنبّئ بعيد الوقوع ، أو مستحيله عادة ، فلم لا يقال : إن الأمور التي أخبر عنها القرآن ، ووقعت على نحو ما أخبر به ، إنما كانت من قبيل المصادفات التي تقع لكل متنبئ في الحياة ...؟.
سؤال يطرح نفسه ، ويطرحه الماديون ، على أنه الجواب لما وقع في القرآن من ظاهرة الإخبار عن الغيب.
إلا أنه توجد أمور ، تفرض علينا القول بأن تحقق الأشياء التي أخبر عنها القرآن لم يكن من قبيل الصدفة ، التي تحققت بها نبوءات كثير من المتنبئين في العالم ، بل لأن الإخبار من الله ، خالق الكون ومدبره ، وعالم سره وعلنه ، والعالم بما جرى فيه ، ويجري ، وسيجري إلى يوم القيامة ، أخبر بما سيقع في المستقبل ليقع على وفق الخبر الذي أخبر به ، وليكون المعجزة الناطقة الدالة على صدق الرسول فيما جاء به ، وإن هذا القرآن من عند الله ، وليس من صنع البشر.