أما هذه الأمور التي تفرض علينا هذه النتيجة الحتمية ، فإننا نستطيع أن نوجزها فيما يلي :
إن من طبيعة الإنسان أن يتنبأ لمستقبله ، وكلما كبرت آماله وطموحاته ، كثر تنبؤه لمستقبله ، وزادت اهتماماته به.
وإنه عند ما يتنبأ يبني نبوءته على طبيعة الواقع الذي يعيش فيه ، والطاقة التي يستطيع أن ينطلق من خلالها ، والاحتمالات التي يمكن أن يحققها.
ولذلك لا بد أن تكون نبوءته متمشية مع طاقاته وإمكانياته ، وإلا كانت ضربا من الخيال الساذج ، الذي لا يغني ولا يسمن ، بل سرعان ما يصحو منه صاحبه على حقيقة واقعه الباسم أو اليائس ، وسرعان ما ينهار ذلك الصرح الخيالي الشامخ الذي بناه بعيدا عن حقيقة طاقاته وإمكانياته.
ولذلك نجد الناس جميعا يهللون لبطل من أبطال العالم ، في أي نوع من أنواع الرياضة ولتكن الملاكمة مثلا ، نجدهم يهللون لبطلها ، عند ما يعلن لهم أنه سيهزم خصمه في الجولة الثانية أو الثالثة ... نجد الآذان صاغية ، والقلوب واعية ، لكل كلمة يقولها لهم قبل موعد مباراته مع خصمه ، وذلك لأنه يقولها من منطق القوة التي يتمتع بها ، والحقيقة التي يعيش فيها.
ومع ذلك نجد كل سامع وهاتف يضع احتمال الهزيمة لذلك البطل ، مع أنه في ذروة قوته ، وأوج عظمته ، ولذلك يتريث كثيرا في مراهناته ، ويضع القيود والضوابط لتحدياته.
ولكن .. متى تكون الغرابة ، وتتعالى صيحات الإنكار ...؟!
تكون الغرابة بالغة ، والإنكار قويا ، عند ما يعلن صعلوك ضعيف ، لا يتماسك حينما يقوم من مقامه ، ولا يمكنه أن يدافع عن نفسه أمام عاجز من العجزة ، ومع ذلك نجد أنه يعلن أمام الناس جميعا أنه يريد أن يتحدى بطل العالم في الملاكمة ، وأنه سيهزمه في الجولة الثانية أو الثالثة ...؟!.
إنها كلمات لا تلفت الأنظار ، وتثير الاستنكار فقط ، بل هي كلمات تدفع