هل الاعجاز العلمي وليد العصر الحديث؟
إن السؤال الذي سيطرح نفسه الآن بعد هذه المقدمة التي قدمناها ، هو : هل الإعجاز العلمي في القرآن وليد العلوم والمكتشفات الحديثة ، وكان خافيا قبل هذا على علماء المسلمين ، كما زعم بعض الكاتبين؟.
والجواب اليقيني على مثل هذا التساؤل : لا ، وذلك يدرك بأدنى تأمل في كتاب الله ..
فإن القرآن الكريم في أول الآيات التي نزلت منه إلى الأرض .. قد اهتم بالعلم ، فأمر به ، وحثّ عليه ، ورفع مرتبة العلماء حتى جعلهم ورثة الأنبياء.
ولم يقتصر الأمر بالعلم على العلوم الشرعية ، بل تعداها إلى العلوم الكونية والعقلية ، إذ أمر القرآن بالنظر في ملكوت السموات والأرض ، كما أمر بالتبصر في علوم الكون والنفس ، ليهتدي الناس من خلال النظر السليم إلى الخالق العظيم.
فقال تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ ، وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ، وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ، وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ، لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (سورة البقرة : آية ١١٤).
وقال تعالى : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (سورة يونس : آية ١٠١).
وقال جلّ شأنه : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ).
وقال : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ ، وَفِي أَنْفُسِكُمْ ، أَفَلا تُبْصِرُونَ).
فهذه الآيات ، وأمثالها ، مما يعسر حصره ، ليست فقط مجيزة للنظر ، بل هي آمرة به ، حاثة عليه ، ولو لم يكن الله مريدا أن يستفيد عباده من معالم الكون