وإلا فمن المحال أن يتعارض الدين مع العلم ، أو القرآن مع القوانين اليقينية الثابتة.
وهذا هو الحق الذي لا يجوز لأحد أن يتعداه ، والذي يجب المصير إليه ، والتعويل عليه ، ولا يوجد بعد الحق إلا الضلال.
فنحن ما دام الأمر العلمي لم يصل إلى درجة القانون اليقيني الثابت ، وإنما هو في طور التجربة والبحث والنظر ، لا يمكننا أبدا أن نجعل القرآن تبعا لشهوات البشر وأهوائهم ، ولا يمكننا أبدا أن نعبث بآيات القرآن ونتلاعب بها.
فإذا ما وصل الأمر العلمي إلى درجة القانون اليقيني ، فمن المحال عند ذلك أن يتعارض مع القرآن ، بل سنجده عند ذلك راكعا على أعتاب الدين ، كاشفا لنا عن سر الآية ، معترفا بأن قائلها وصانعه ومبدعه واحد ، ألا وهو الله الذي لا إله إلّا هو ، وداعيا كل عاقل إلى الإيمان بهذه الحقيقة.
وعند ذلك يجب علينا أن نستفيد من هذه المعارف الحديثة اليقينية ، وأن نستغلها من أجل إظهار الحقيقة ، وبيان الإعجاز القرآني الذي يخفى على كثير من الناس ، من مسلمين وغيرهم.
فالحكمة ضالة المؤمن ، أنى وجدها التقطها .. والقرآن أنزل معجزة لكل زمان وجيل ومكان ، ولم يكن إعجازه قاصرا على الجيل الأول ، ـ كما بينا سابقا ـ ولذلك كان لا بد لهذا الجيل المعاصر أن يجد في القرآن المعجزة ، ولئن فاته الوقوف عليها عن طريق اللغة ، فلن يفوته الوقوف عليها عن طريق العلوم المعاصرة.
كما أن أهل الأجيال القادمة سوف يجدون فيه الإعجاز ، ولكن لا ندري كيف سيكون ذلك.
ربما كان عن بعض الطرق التي نعرفها اليوم ، وربما كان عن بعض الطرق التي سيعرفها إنسان المستقبل وهي خافية علينا الآن ، ولا يجوز لأي إنسان أن يمنع مثل هذا ما دام خاضعا للضوابط العلمية السابقة التي ذكرناها ، من قوانين الشرع وقواعد اللغة.