٨ ـ الاخبار عن بعض أسرار بني إسرائيل التي
لم تكن معلومة حتى لليهود المعاصرين للقرآن
إن ما ذكرناه في الفقرات الماضية من صور الإعجاز الغيبي ، إنما كان بالنسبة للأمور التي أخبر القرآن عنها بأنها ستقع في المستقبل.
وقد رأينا كيف أنها تحققت ، دون أن تتخلف واحدة منها ، على نحو ما أخبر به القرآن ، ليكون في ذلك المعجزة الخالدة الناطقة الدالة لكل إنسان في كل زمان ومكان على أن هذا القرآن إنما هو من كلام الله الذي لا يجوز لعاقل أن يمتري فيه بعد أن رأى أو سمع عن تلك المعجزات اليقينية ، في الإخبار عن الأمور الغيبية ، التي تحقق بعضها في زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتحقق بعضها بعد وفاته عليهالسلام ، وما زال بعضها تدرك حقيقته في أيامنا الحاضرة ، وسيبقى القرآن هكذا ، تكشف لنا الأيام عن إخباره بالغيوب إلى قيام الساعة.
وليس ما ذكرناه عن غيب المستقبل هو كل ما أخبر عنه القرآن ، وإنما ذكرنا ما ذكرناه ، كنموذج للإخبار عن الغيب.
وهناك أمور لم نذكرها ، تعرض لها العلماء ، وتعرضت لها كتب التفسير ، استغنينا بما ذكرناه ـ مما اتضحت دلالته ـ عنها ، ففي اليسير الواضح ما يغني عن الكثير.
ولكن الإعجاز في الإخبار عن الغيب ليس مقصورا على غيب المستقبل ، بل هو عام ، يشمل غيب المستقبل ، كما يشمل غيب الماضي ، وغيب الحاضر.
أما بالنسبة للماضي ، فذلك لأن النبي صلىاللهعليهوسلم كان رجلا أميا ، لا يعرف قراءة ولا كتابة ، وهذه حقيقة لم يختلف فيها مشرك ولا مؤمن ، ولا يهودي ولا نصراني.