فكتب إليهم اليهود أن يسألوه عن أمر أصحاب الكهف ، وذي القرنين ، والروح. (١)
فلما أتى ذلك قريشا أتى الظفر في أنفسها ، فقالوا : يا محمد قد رغبت عن ديننا ودين آبائك ، فحدثنا عن أمر أصحاب الكهف ، وذي القرنين ، والروح ، فقال ائتوني غدا ، ولم يستثن ـ أي لم يقل إن شاء الله ـ فمكث عنه جبريل ما شاء الله لا يأتيه ، ثم أتاه ، فقال : سألوني عن أشياء لم يكن عندي بها علم فأجيب ، حتى شق ذلك علي ، فنزل ما ذكر من أصحاب الكهف ، وذي القرنين ، و (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ، قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ، وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (٢).
استعانة المشركين بالنصارى :
وكما استعان المشركون باليهود ، حاولوا أن يستعينوا بالنصارى على الإسلام والمسلمين وإبطال الدعوة والمعجزة ، فعند ما هاجر المسلمون الهجرة الأولى إلى الحبشة ، فرارا بدينهم من الفتن ، أرسل المشركون خلفهم وفدا منهم ، يحمل معه الهدايا والتحف للنجاشي وبطارقته.
وبعد مفاوضات فاشلة معه ، ليردّ المسلمين إلى مكة ، قال عمرو بن العاص ـ وكان رئيس الوفد ـ والله لآتينه غدا بما أستأصل به خضراءهم ، والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد!.
ثم غدا عليه من الغد ، فقال له : أيها الملك ، إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما ، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه.
فأرسل إليهم الملك ليسألهم ، فلما دخلوا عليه قال لهم : ما ذا تقولون في عيسى بن مريم؟.
__________________
(١) الدر المنثور ٤ / ٢١٧ بالمعنى.
(٢) سيرة ابن هشام ، ومختصر السيرة ص ٧٦.