وبين رجل آخر قد يصل إلى هذه النتيجة في بعض آيات القرآن ، ولكن ليس بمجرد سماعها ، وإنما بدراستها وتحليلها وإخضاعها لعلومه ومعارفه.
وقد تكلمت على هذا الموضوع بالتفصيل في بداية هذا البحث ، وسنرجع إليه بمزيد من التفصيل إن وفقنا الله للكتابة في الإعجاز اللغوي.
بينما نجد عامة الناس في مجتمعنا يتمايلون طربا حينما نعرض لهم بعض وجوه الإعجاز في الإخبار عن المغيبات ، وذلك لأنها تتفق مع كل عقل ، كما يمكن لكل عقل أن يدركها ويدرك وجه الإعجاز فيها ، فهي لا تحتاج للغة ، وإنما تحتاج للعقل والتفكير.
كما نجد المثقفين أكثر تمايلا وطربا عند ما نعرض عليهم وجها من وجوه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، لا سيّما إذا كان هذا الوجه قطعي الدلالة ، بينا ظاهرا ، لا يحتاج إلى الاستنباط والاستنتاج.
وذلك لأن هذا الوجه ملائم للثقافة التي يحملها أبناء العصر الحاضر ، والتي أصبحت قاسما مشتركا بينهم جميعا.
وإذا كان هذا شأن مجتمعنا العربي ، فمن باب أولى أن يكون هذا شأن غيره من المجتمعات.
فإننا حينما نتكلم على إعجاز القرآن ، لا نريد بذلك إقناع العرب فحسب ، وإنما نريد إقناع العالم بأسره ، من عربي وغيره ، فإن هذا القرآن أنزل للبشر جميعا ، وتحدي به البشر جميعا ، في كل زمان ومكان.
ولذلك يجب علينا أن نخاطب البشر بما تستوعبه عقولهم ، وإن الجوانب العلمية اليوم ، من أهم ما يستهوي عقول الناس في الشرق والغرب ، فإذا رأوا ما يدل على الإعجاز في كتاب الله ، في جانب العلوم التي يتقنونها ، هان عليهم الإيمان والتسليم ، كما سنبين هذا عند الكلام على من تأثر بهذا الجانب من القرآن إن شاء الله.
إذن فالذي دفع العلماء والمفكرين المسلمين للبحث والتحقيق في جوانب