الإعجاز العلمي في القرآن ، هو الواقع الذي يعيش فيه الناس ، والذي صارت فيه العلوم أساس الحياة والحضارة الإنسانية.
فإذا كانت هذه العلوم كاشفة عن سر من أسرار الآيات القرآنية ، ومثبتة لوجه من وجوه الإعجاز ، فإننا يجب علينا أن نبحث فيها ، وندل الناس عليها ، ولا سيما أن القرآن نفسه حث الناس على النظر في ملكوت السموات والأرض ، ومجاهل الكون والنفس ، وضرب الأمثال ، ليلفت نظر الناس إلى عظمة الخالق ، من خلال عظمة المخلوق ... وبما يتناسب مع عقولهم ومعارفهم في كل زمان ومكان.
وإني لأعتقد أن هذا الوجه من وجوه الإعجاز هو أبلغ هذه الوجوه ، إذ يستطيع الإنسان في كل عصر من العصور أن يجد بغيته في كتاب الله من الإيمان بأن هذا الكلام ليس من كلام البشر ، وإنما هو من كلام الله.
فكلما تقدمت العلوم الإنسانية ، كلما كشفت لنا عن سر جديد ، لم نكن قد اطلعنا عليه من قبل.
وهذا وحده كان ليدل على أن القرآن ليس من صنع البشر ، إذ يستحيل على البشر ، ولو كانوا على قلب رجل واحد ، وبتفكير رجل واحد ، أن يوجدوا مثل هذا الكتاب الذي لم تتخلف آية واحدة من آياته على توالي الأيام ، وكر السنين والأعوام ..
ولكن .. هل نزل القرآن الكريم على أنه كتاب جيولوجيا ، أو فلك أو غيرهما من العلوم ... يبين حقيقتها ، ويرسم مناهجها ، ويدلل على نظرياتها ..؟.
لا شك أن الجواب : لا.
نعم .. لم ينزل القرآن كتاب علوم يقرر في المدارس والجامعات ، يتلقى الناس من خلاله معارفهم الكونية.
وإنما نزل القرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد للبشرية الحائرة ، ودستورا ونظام حياة للإنسانية.