٣ ـ الزوجية في الكروموسومات
لقد رأينا كيف أن الإنسان كان يعتقد في الماضي أن خلق الزوجين الذكر والأنثى إنما كان من التقاء الزوجين البويضة والحيوان المنوي ، اللذين يكونان الخلية الملقحة ، ثم المضغة ، ثم العلقة ، ثم الذكر أو الأنثى.
إلا أن هذا الظاهر الصحيح الذي ما زلنا نؤمن به قد احتوى على باطن وسر أدق منه وأبدع وأغرب ، وقد عرفنا هذا حينما كشفنا أن الزوجين أيضا كانا سرا في الحيوان المنوي عند الرجل ، وأن نطفته تحمل حيوانا منويا ذكرا وآخر أنثى ، وأن هذه النطفة هي التي تحقق طبيعة الولد. فإن لقحت البويضة بحيوان منوي ذكر كان الولد ـ بإذن الله ـ ذكرا ، وإن لقحت بحيوان منوي أنثى كان الولد أنثى.
بذلك وضعنا أيدينا على سر جديد للآية الكريمة : (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ، مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى).
وأعلن الإنسان وبكل قوة وفخر أنه وضع يده على سر الخلية الجنسية التي يتكون منها الولد ، وبذلك أضافوا دعامة جديدة لقانونهم وشعارهم أن كل شيء في الكون لا بدّ أن يكون عن طريق الزوجين ، الذي كان نداء الله وكلامه منذ أربعة عشر قرنا : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
ولكنهم ما إن أعلنوا هذا وفرحوا به ، حتى صاحت بهم الحقيقة من جديد ، لتعلن لهم ثانية أن هذا الذي أدركوه مما كان خافيا عليهم ، إنما هو الآن أمر ظاهر ، وأنه يحتوي في باطنه على سر آخر أبلغ من هذا الذي كشفوه وأدق ، وأنه أيضا قد خلق زوجين زوجين ، مما قال الله فيه (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).