الأعمال خارقة للعادة ، بقدرة من خالق هذا الكون ، وخالق قوانينه ، وعلمت يقينا صدقه في دعواه ، وفي رسالته.
قال تعالى في حق عيسى عليهالسلام : (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ، أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ، فَأَنْفُخُ فِيهِ ، فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ ، وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ ، وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
فلما جاء عيسى عليهالسلام بمعجزاته ، آمن كل عامي وعالم أن ما أتى به عيسى إنما هو من أمر الله وقدرته ، وأنه ليس من فعل البشر ، على نحو ما ذكرناه من إيمان السحرة بموسىعليهالسلام ، إذ رأوا معجزته ، وأيقنوا بمعارفهم أنها من قدرة الله ، لا من صنع البشر.
معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام :
من أجل هذا الذي ذكرناه من المثل في موسى وعيسى عليهماالسلام كان لا بدّ لنبينا محمدصلىاللهعليهوسلم أن تكون معجزته ، من نوع ما يتعارف عليه قومه ، ليكونوا أقدر على إدراكها ، ومعرفة حقيقتها ، ولكي لا يضطربوا في شأنها ، هل هي تمويه ، أو سحر ، أو شعبذة ، أو غير ذلك من الأمور التي ينسب إليها كل من أتى بأمر يخرج عن المعتاد المألوف.
ثقافة العرب ومعارفهم في الجاهلية :
والأمة العربية التي بعث فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لم تكن أمة مثقفة ذات حضارة ، وإنما كانت أمة أميّة ، لا تعرف سحرا ، ولا تعرف طبا ، ولا تعرف فلسفة ، وإنما كانت تجيد فنا واحدا ، بلغت فيه ذروة الكمال الفني ، ألا وهو فن البلاغة والبيان اللغوي في التعبير عن المراد ، وصياغة الحكمة في التوجيه والإرشاد.
تمرّس العرب باللغة :
نعم .. لقد تمرّس العرب بلغتهم ، لغة السحر والشعر ، لغة الجلال