ومن كان بهذا الوصف لا يجوز له أن يقول : لما ذا لا أدرك إعجاز القرآن ..؟ ومن ثم فليس في القرآن إعجاز.
إن الأعمى الذي لا يبصر الضياء أو الألوان ، لا يجوز له أن يقول : ما دمت لا أرى الضياء والألوان فلا ضياء ولا ألوان.
وما مثل من يقول مثل هذا إلّا كما قال المتنبي :
وكم من عاتب قولا صحيحا |
|
وآفته من الفهم السقيم |
إن العيب ليس في بلاغة القرآن ، وإنما هو في جهلنا بلغة القرآن ، ومن ثم فلن يضير القرآن جهلنا.
ومن يك ذا فم مر مرير |
|
يجد مرا به الماء الزلالا |
على أن من درس هذه اللغة ، وتعمّق فيها ، يستطيع أن يضع يده ، في كل زمان ومكان ، على كثير من وجوه الإعجاز اللغوي في القرآن.
هل معنى هذا أن أهل العصر فقدوا إعجاز القرآن
بناء على ما ذكرناه ، من أن أهل العصر الحاضر قد عجزوا عن تذوق وفهم وإدراك الإعجاز في القرآن ، لجهلهم بلغة القرآن .. فهل معنى هذا أنهم أصبحوا اليوم بدون وسيلة يعرفون بها إعجاز القرآن ..؟؟.
إذن فمعجزة نبينا كمعجزة غيره من الأنبياء؟.
أم أنه توجد في القرآن وجوه أخرى من الإعجاز ، نتمكن من خلالها من الوقوف على أنه من عند الله ، وليس من عند البشر؟ فإذا ما فاتنا الإعجاز اللغوي فلن يفوتنا والحالة هذه تلك الوجوه الأخرى من الإعجاز؟.
والجواب ... بلى .. إن في القرآن لوجوها كثيرة من الإعجاز سوى الإعجاز اللغوي ، كل واحد منها يدل على أنه من عند الله ، ويستطيع أهل العصر ، كأهل العصر الأول ، وأهل العصور القادمة ، يستطيعون أن يدركوها