العلماء ، والمفكرين ، محاربة كل الحقائق العلمية الحسية اليقينية ، والنظرية المظنونة ، خشية على سلطانها الباطل ، فقتلت وأحرقت كل من أتى بأي حقيقة علمية ما دامت لا توافق عقل القس أو الراهب ، فقتلت وأحرقت ما يزيد عن ثلاثمائة وخمسين ألفا من العلماء والمفكرين ، عنادا وطغيانا ، على ما يقوله مؤرخو الغرب.
مما ملأ القلوب بالحقد ، واستفز النفوس للثورة ، فكانت الثورة على الكنيسة ، وعلى الدين ، وكان الشعار الرهيب «اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس».
فعند ما وقفت الكنيسة في وجه الحقائق العلمية ، لم تقف في وجهها لأنها أمور باطلة ، ولم تقتل العلماء والمفكرين لأنهم أتوا بمفاهيم لا برهان عليها ، وإنما فعلت ما فعلت جحودا وعنادا.
فلا يمكن أن يقال أبدا ، وفي أي حال من الأحوال ، لما ذا لم يؤمن الرهبان بالحقائق العلمية ، والنظريات الفكرية ، فإن عدم إيمانهم دليل على بطلان ما أتى به العلماء والمفكرون ..؟.
وذلك لأن ما أتى به العلماء والمفكرون حقائق علمية ، ثابتة بالبرهان اليقيني ، ولا سبيل إلى إنكاره ، وإنما أنكرته الكنيسة وأربابها جحودا وعنادا ، وخشية على سلطانها الباطل ، الذي بدأ يترنح تحت صدمات تلك الحقائق ، بينما آمنت بها جماهير الناس ، التي رأت فيها البرهان الساطع ، والدليل القاطع ، مما جعلها تستسلم لها ، وتؤمن بمضمونها.
وهذا عينه هو ما حدث لرسول الله صلىاللهعليهوسلم على ما سنعرفه الآن.
عناد الوليد بن المغيرة :
فها هو الوليد بن المغيرة يأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويسمع منه القرآن ، ويرق له قلبه ، ويتأثر به.
ويبلغ ذلك أبا جهل ، فيأتي الوليد ويقول له : يا عم ، إن قومك يريدون