ثم قال تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها ، مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ، وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) (سورة يس : آية ٣٦).
إلى آيات كثيرة في القرآن الكريم تتكلم عن الأزواج ، وعن خلقها ، وأن هذه الأزواج موجودة في جميع معالم الكون والحياة ، (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
إذن فالزوجية لا بد أن تكون موجودة في كل شيء يمكن للإنسان أن يضع يده عليه ، وليست مقصورة على ما يكون من الذكر والأنثى في النبات أو الحيوان ، أو على ما يمكن أن يتصف بالذكورة والأنوثة ولو مجازا ..
لأن الصيغة التي وردت من أبلغ صيغ العموم وأكملها (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
رأي علماء السلف وأقوالهم في الزوجين.
إن هذا الذي ذكرته من أن الزوجية شاملة لكل شيء مما هو مفهوم من الآية الكريمة ، لم يكن فهما خاصا لأهل العصر الحاضر ، بل هو ما فهمه السلف رضوان الله عليهم من مقتضى دلالة هذه الصيغة في هذه الآية.
ولكن فهمهم لهذه الآية كان ضمن طاقاتهم وإمكانياتهم ومعارفهم ، فيما وضعوا عليه أيديهم من معالم الكون والحياة.
فقد روى الإمام الطبري عن مجاهد أنه قال في هذه الآية : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) قال :
الكفر والإيمان ، والشقاوة والسعادة ، والهدى والضلالة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والإنس والجن.
وروى عن الحسن البصري أنه قال في هذه الآية : الزوجان هما الشمس والقمر.
وروى عن ابن زيد أنه قال فيها : هما الذكر والأنثى ، وقرأ : (وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) قال : امرأته.