ومع ذلك فهو كلام كاذب ، وليس بحق ، علاوة عن أن يكون معجزا.
إن الكلام المعجز هو ذاك الكلام الرباني ، الذي أذهل البلغاء ، والفصحاء ، والعباقرة ، والمفكرين ، وعلماء الكون والحياة ، وكل ذي نظر وعقل من أهل الأرض ، على مر العصور ، وكر الدهور ، على ما قرأناه ورأيناه في الفقرات الماضية.
الانحراف بالتفسير الباطني للقرآن :
إننا سنترقى مع صاحب الفكرة الموهومة الباطلة درجة أخرى في الجدل ، على طريقة الجدليين ونقول : لنفترض جدلا أن ورود التسعة عشر ومضاعفاتها في حروف القرآن ، وفواتحه ، وسوره ، كان معجزا ، لنفترض هذا جدلا ، وهو ليس كذلك كما عرفناه بالأرقام ، فما علاقة الرقم تسعة عشر بملائكة جهنم وعددهم ، حتى نحرّف القرآن الكريم ، ونخرجه عن قوانينه اللغوية الشرعية ، ونخرج على الملأ بتفسير باطني جديد لكتاب الله؟.
قال الله تعالى في حق الوليد بن المغيرة : (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ، وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ ، لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ ، لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ، عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ ، وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً ، وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ، لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ، وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ، وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً؟ كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ ، وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ، وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ، وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ).
وقد أجمع المفسرون بدون استثناء ، كما أجمع كل علماء المسلمين ، وكل من يعرف لغة العرب ، أن التسعة عشر هو عدد خزنة جهنم الذين أشار القرآن إليهم بقوله : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً ، وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ) ـ أي التسعة عشر ـ (إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا).