وتتوقف على قطعهما لتحدث سطحا مستديرا هو دائرة محيط بها خط مستدير ، وما يتوقف ثبوته للشىء على الغير لا يكون نفسه ، ولا جزءا منه ، واحتجوا على كون المقادير وجودية بأنها ذوات أوضاع يشار إليها إشارة حسية بأنها هنا ، ولا إشارة إلى العدم. غاية ما في الباب أن عروض السطح للجسم التعليمي ، وعروض الخط للسطح ، وعروض النقطة للخط إنما يكون باعتبار التناهي ، وهو عدم الامتداد الآخذ في جهة ما ، بمعنى نفاد ذلك الامتداد وانقطاعه ، وهذا القدر لا يقتضي عدمية هذه الأمور لجواز أن يكون الوجودي مشروطا بالعدمي ومتصفا به ، وأجيب بأن الذي (١) يتغير ويتبدل مع بقاء الجسم هو وضع الجواهر المفردة (٢) بعضها مع بعض فقد تجتمع ، وقد تفترق ، ولكل من الاجتماع والافتراق هيئات مخصوصة ، فإن أريد بثبوت المقادير هذا فلا نزاع ، وإن أريد أعراض قائمة بالجسم ، غير أجزائه وهيئات ترتبها فممنوع ، ولا دلالة لما ذكرتم عليه ، وإنما يتم لو ثبت نفي الجزء الذي لا يتجزأ ، وما ذكر من توقف السطح والخط على أمر خارج عن الجسم ، وعما يتوقف عليه الجسم ليلزم كونهما عرضين ، فراجع إلى ما ذكرناه ، إذ حقيقتهما عندنا الجواهر الفردة (٣) لكن على وضع وترتيب مخصوص بأن يترتب على الطول من غير عرض ، أو على الطول والعرض من غير عمق ، والمتوقف على الغير هو تلك الحالة والترتيب المخصوص ، وما ذكر من كونها ذوات أوضاع ، فعندنا الإشارة إنما هي إلى نفس الجواهر الفردة المترتبة ترتبا مخصوصا ، والنهايات إعدام وانقطاعات بمعنى أنه ليست بعد تلك الجواهر جوهر آخر.
__________________
(١) سقط من (ب) بأن الذي.
(٢) في (ب) الفردة بدلا من (المفردة).
(٣) المتأخرون يجعلون الجوهر مرادفا للعين ويسمون الجزء الذي لا يتجزأ بالجوهر الفرد. (راجع شرح المواقف ج ٢ ص ١٩١).
الجوهر الفرد : لا شكل له باتفاق المتكلمين ، لأن الشكل هيئة أحاطها حد أو حدود والحد أي النهاية لا يعقل إلا بالنسبة إلى ذي النهاية ، فيكون هناك لا محالة جزءان. ثم قال القاضي : ولا يشبه الفرد شيئا من الأشكال لأن المشاكلة الاتحاد في الشكل ، فما لا شكل له كيف يشاكل غيره ..؟ وأما غير القاضي فلهم فيه اختلاف فقيل يشبه الكرة في عدم اختلاف الجوانب ، ولو كان مشابها للمضلع لاختلف جوانبه فكان منقسما. إلخ ...
(راجع كشاف اصطلاحات الفنون ج ١ ص ٢٩٠ وما بعدها).