إلى بداهة أزلية الأفلاك وأبديتها ، وبهذا يظهر أن ليس الزمان نفس الفلك الأعظم (١) ، أو حركته على ما هو رأي البعض ، وقد يجاب : أما عن الأول فبأن النسبة إلى الزمان بالحصول فيه لا يكون إلا للمتغير حقيقة بأن يكون فيه تقدم وتأخر وماض ومستقبل ، وابتداء وانتهاء كالحركة والمتحرك أو تقديرا كالسكون ، فإن معنى كونه في ساعة أنه لو فرض بدله حركة لكانت في ساعة ، وذكر ابن سينا أن معنى قولنا الجسم في الزمان أنه في الحركة والحركة في الزمان ، وأما غير المتغير أعني ما يكون قار الذات فإنما ينسب (٢) إلى الزمان بالحصول معه لا بالحصول فيه ، إذ ليس له (٣) جزء يطابق المتقدم من الزمان ، وجزء يطابق المتأخر منه ، وهذا كما أن نسبة استمرار غير المتغير (وثباته إلى استمرار غير المتغير) (٤) كالسماء إلى الأرض يكون بالحصول معه من غير تصور الحصول فيه ، ولا خفاء في الفرق بين الحصول الحركة مع الزمان ، وحصول السماء مع الزمان ، وحصول السماء مع الأرض ، وأنها معاني محصلة متمايزة (٥) ولا استنكار في أن نعبر عن كل منها بعبارة نرى أنها مناسبة لها على كل (٦) ما قالوا : إن نسبة المتغير إلى المتغير هو الزمان ، ونسبة الثابت
__________________
(١) الفلك الأعظم : ويسمى فلك الأفلاك ، لأنه اكبر الأفلاك ، ويقال له الفلك الأطلس لأنهم لم يعرفوا له كوكبا ، وحركة هذا الفلك من المشرق إلى المغرب على قطبين ثابتين ، يقال لأحدهما القطب الشمالي ، وللآخر القطب الجنوبي ، وتتم دورته في أربع وعشرين ساعة وبحركته تتحرك الأفلاك كلها مع كواكبها وحركته أسرع من كل شيء شاهده الإنسان ، والحكماء سموا هذا الفلك محددا لاعتقادهم أن ليس وراء ذلك خلاء وملاء. وقال أبو عبد الله بن عمر الرازي بعد ما أظهر فساد القول بالمحدد : من أراد أن يكتال مملكة الباري تعالى بمكيال العقل فقد ضل ضلالا بعيدا.
(راجع عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات للقزويني ج ١ ص ٢٥).
(٢) في (ب) فإما.
(٣) سقط من (ب) لفظ (به).
(٤) ما بين القوسين سقط من (ب).
(٥) في (ب) بزيادة لفظ (متمايزة).
(٦) في (أ) بزيادة لفظ (كل).