بخاصة لازمه شاملة سوى المركب من العرضية والمغايرة للكم وللأعراض النسبية إلا أن التعريف بها كان تعريفا للشيء بما يساويه في المعرفة والجهالة لأن الأجناس العالية ليس بعضها أجلى من البعض فعدلوا عن ذكر كل من الكم والأعراض النسبية إلى ذكر خاصته التي هي أجلى ، وقالوا : هو (١) عرض لا يقتضي لذاته قسمة (٢) ، ولا يتوقف تصوره على تصور غيره ، فخرج الجوهر والكم والأعراض النسبية ، ومن جعل النقطة والوحدة من الأعراض زاد قيد (٣) عدم اقتضاء اللاقسمة ، احترازا عنهما ، وقيدوا عدم اقتضاء القسمة واللاقسمة بالذات والأولية لئلا يخرج عن التعريف العلم بالمركب وبالبسيط ، حيث يقتضي القسمة واللاقسمة نظرا إلى المتعلق.
فإن قيل : من الكيفيات ما يتوقف تعقله على تعقل شيء آخر كالعلم (٤) والقدرة (٥) ، والاستقامة ، والانحناء ، ونحو ذلك.
قلنا : ليس هذا يتوقف ، وإنما هو استلزام واستعقاب بمعنى أن تصوره
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (هو).
(٢) القسمة عند المنطقيين مرادفة للتقسيم وهو إرجاع التصور إلى أقسامه ولها عندهم وجهان.
الأول : إرجاع المركب إلى أجزائه أو عناصره ، ويسمى هذا الارجاع تجزئة أو تحليلا.
والثاني إرجاع الكلي إلى جزئياته أو انقسام الكلي بحسب الما صدق إلى أصناف أو أفراد تندرج تحته.
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (قيد).
(٤) العلم هو الإدراك مطلقا تصورا كان أو تصديقا يقينيا كان أو غير يقينى ، وقد يطلق على التعقل أو على حصول صورة الشيء في الذهن ، أو على إدراك الكلي مفهوما كان أو حكما ، أو على الاعتقاد الجازم المطابق للواقع. والعلم مرادف للمعرفة إلا أنه يتميز عنها بكونه مجموعة معارف متصفة بالوحدة والتعميم.
(٥) القدرة : هي القوة على الشيء وهي مرادفة للاستطاعة ، والفرق بينها وبين القوة ، أن القوة تضاف إلى العاقل وغير العاقل ، فتكون طبيعية وعقلية والقدرة في الاصطلاح صفة الإرادة ، وقد نفى جهم بن صفوان كل قدرة عن الإنسان وقال : لا قدرة له أصلا وهذا غلو في الجبر. أما المعتزلة فيقررون وجود القدرة ويقولون إنها صفة يتأتى معها الفعل بدلا من الترك ، والترك بدلا من الفعل. وأما الرازي فإنه يطلق القدرة على مجرد القوة التي هي مبدأ الأفعال الحيوانية المختلفة ، أو على القوة الجامعة لشرائط التأثير.
(راجع الأصول الخمسة ، وأصول الدين للرازي مبحث الصفات).