كتعبير الإمام عن الكيفيات النفسانية بالكمال ، وتعبير ابن سينا عنها بما لا يتعلق بالأجسام ، وعن الاستعدادات بما يخص الجسم من حيث الطبيعة ، وعن المحسوسات بما يكون هويتها (١) أنها فعل ، وبعضها ليس شاملا للأفراد كتعبيره عن المحسوسات بما يكون فعله بطريق التشبيه ، أي جعل الغير شبيها به كالحرارة تجعل المجاور حارا ، والسواد يلقي شبحه (٢) أي مثاله على العين لا كالثقل فإن فعله في الجسم التحريك ، لا الثقل (٣).
قال الإمام : وهذا تصريح منه بإخراج الثقل والخفة عن (٤) المحسوسات مع تصريحه في موضع آخر من الشفاء (٥) بأنهما منها ، وذكر في موضع آخر من أنه لم يثبت بالبرهان أن الرطب .. يجعل غيره رطبا ، واليابس يجعل غيره يابسا ، وكتعبيره عن الكيفيات المختصة بالكميات ، بما يتعلق بالجسم من حيث الكمية ، قال الإمام : وهذا تصنيع (٦) الكيفية المختصة بالعدد يعني من جهة أنها قد تتعلق بالمجردات ، وبهذا اعترض على قولهم (٧) إن البحث عن أحوال ما يستغنى عن المادة في الذهن دون الخارج هي الرياضيات ، بأن من جملتها البحث عن أحوال العدد ، وهو يستغنى عن المادة في الخارج أيضا.
__________________
(١) في (أ) ثبوتها بدلا من (هويتها).
(٢) في (ب) يكفي شجه وهو تحريف.
(٣) في (ب) النقل بدلا من (الثقل).
(٤) في (ب) من بدلا من (عن).
(٥) كتاب الشفاء في المنطق ، لأبي علي حسين بن عبد الله المعروف بابن سينا المتوفى سنة ٤٣٨ ه ، شرحه أبو عبد الله محمد بن أحمد الأديب التجاني صاحب تحفة العروس واختصره شمس الدين عبد الحميد بن عيسى (الخسروشاهي شاهي) التبريزي المتوفى سنة ٦٤٢ ، قامت بطبعه الهيئة العامة للكتاب بمصر.
(٦) في (ب) صنيع بدلا من (تصنيع).
(٧) في (أ) بزيادة حرف الجر (على).