الحجر المدفوع إلى أسفل ، فإن فيه مدافعة (١) هابطة يقتضيها الحجر إذا خلى وطبعه ، وأخرى أحدثها فيه القاسر على حسب قوته وقصده ، ولهذا يكون حركته حينئذ أسرع مما إذا سقط بنفسه فهبط ، وتتفاوت تلك السرعة بتفاوت قوة القاسر ، ومنها ما ذكروا في بيان سبب أن الحجر الذي يتحرك صاعدا بالقسر ، ثم (٢) يرجع هابطا بالطبع ، أن حركته القسرية تشتد ابتداء وتضعف عند القرب من النهاية ، والطبيعية بالعكس ، لأن ميله القسري يزداد ضعفا بمصاكات تتصل عليه من مقاومة الهواء المخروق ، فيزداد الميل الطبيعي أعني مبدأ المدافعة قوة إلى أن يتعادلا ، ثم يأخذ القسري في الانتقاص ، والطبيعي في الغلبة فيأخذ حركته في الاشتداد ، ومنها استدلالهم على وجود الميل الطبيعي بأن الحجرين المرميين بقوة واحدة إذا اختلفا في الصغر والكبر اختلفت حركتاهما في السرعة والبطء وليس ذاك إلا لكون المقاوم الذي هو الميل الطبيعي أعني مبدأ المدافعة في الكبير أكثر منه في الصغير ، لأن التقدير عدم التفاوت في الفاعل والقابل إلا بذلك.
وأجاب الإمام : بأن الطبيعة قوة سارية في الجسم منقسمة بانقسامه فيكون في الكبير أكثر ، وبزيادة المقاومة أجدر ، والفلاسفة يزعمون أنه أمر ثابت ليس مما يشتد ويضعف ، أو يقل ويكثر في الجسم الواحد حتى إن (٣) طبيعة كل الماء وبعضه واحد ، ولا يتبين الحق من ذلك إلا بمعرفة حقيقة ما هو المراد بالطبيعة هاهنا ، وهم لم يزيدوا على أن الطبيعة قد يقال لما يصدر عنه الحركة والسكون أولا ، وبالذات دون شعور وإرادة ، وقد يقال لما تصدر عنه أمر لا تتخلف عنه ، ولا يفتقر الصدور إلى علة خارجة عنه ، كنزول الحجر إلى السفل ، وقد يخص بما يصدر عنه الحركات على نهج واحد دون شعور ، وقد تسمى كل قوة جسمانية طبيعة ، وشيء من ذلك لا يفيد معرفة حقيقية ، وأما إطلاقها على المزاج ، أو على الكيفية الغالبة (٤) من الكيفيات المتضادة ، أو على الحرارة الغريزية ، أو على النفس النباتية ، أو نحو ذلك (٥) على ما يذكره الأطباء فمختص بالمركبات.
__________________
(١) في (ب) بزيادة (فيه مدافعة).
(٢) في (ب) بزيادة لفظ (ثم).
(٣) في (ب) بزيادة لفظ (إن).
(٤) في (أ) العالية بدلا من (الغالبة).
(٥) في (أ) بزيادة لفظ (نحو).