من النهاية ، والهابطة بالعكس ، لأن الميل القسري كلما ازداد ضعفا بمصاكات تتصل عليه ازداد الميل الطبيعي قوة ، حتى غلب القسري ، فرجع المرمى ، وإن تفاوت حركة الحجرين المختلفين في الصغر والكبر المرميين بقوة واحدة ليس إلا لكون المقاومة الذي هو الميل الطبيعي في الكبير أكثر).
أي الاعتماد ، ميلا ويقسمونه إلى الطبيعي والقسري والنفساني ، لأن مبدأه وما ينبعث هو عنه ، إن كان أمرا خارجا عن محله فقسري كميل السهم المرمي إلى فوق ، وإلا فإن كان مع قصد وشعور فنفساني كاعتماد الإنساني على غيره ، وإلا فطبيعي سواء اقتضته القوة على وتيرة واحدة أبدا ، كميل الحجر المسكن في الجو ، أو اقتضته على وتائر مختلفة كميل النبات إلى التبرز والتزيد ، (١) ومنهم من سمى المقرون بالقصد والشعور إراديا وجعل النفساني أعم منه ومن وتر أحد (٢) قسمي الطبيعي ، أعني ما لا يكون على وتيرة واحدة لاختصاصه بذوات الأنفس فربما يختلف على حسب اقتضاء النفس ، فبهذا الاعتبار يسمى ميل النبات نفسانيا ، ومنهم من جعله خارجا على الأقسام لكونه مركبا على ما سيأتي في بحث الحركة ، مع زيادة كلام في هذا الباب.
ثم إنهم قد ذكروا أحكاما تدل على ترددهم في أن الميل نفس المدافعة المحسوسة ، أو مبدؤها القريب الذي يوجد عند كون الحجر صاعدا (٣) في الهواء ، أو ساكنا على الأرض ، فبها أن الميل الطبيعي لا يوجد في الجسم عند كونه في حيزه الطبيعي ، وإلا فإما أن يميل إليه فيلزم طلب حصول الحاصل ، أو عنه فيلزم أن يكون المطلوب بالطبع متروكا بالطبع ، ولا يتأتى هذا في مبدأ الميل ، إذ ربما يتخلف الأثر عنه لفقد شرط ، أو وجود مانع ، ومنها أن الميل الطبيعي لا يجامع الميل القسري إلى جهتين ، لأن امتناع المدافعة إلى جهة مع المدافعة عنها ضروري ، فالحجر المرمي إلى فوق لا يكون فيه مدافعة هابطة بالفعل ، بل بالقوة ، بمعنى أن من شأنه أن يوجد فيه ذلك عند زوال غلبة القوة القسرية ، وإما إلى جهة واحدة فقد يجتمعان كما في
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ (التزيد).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (وتر).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (صاعدا).