أعني الألف من الفتحة والواو من الضمة ، والياء من الكسرة تسمى المصوتة الممدودة ، وهي المسماة في العربية بحروف المد لأنها كانت مدات للحركات ، وما سوى المصوتة تسمى صامتة (١) ، ويندرج فيها الواو والياء المتحركتان أو الساكنتان ، إذ لم يكن قبل الواو ضمة ، وقبل الياء كسرة وأما الألف فلا يكون إلا مصوتا ، وإطلاقها على الهمزة باشتراك الاسم (٢) ، وليس المراد بالحركة والسكون هاهنا ما هو من خواص الأجسام ، بل الحركة عبارة عن كيفية حاصلة في الحرف الصامت من إمالة مخرجه إلى مخرج إحدى المدات ، فإلى الألف فتحة ، وإلى الواو ضمة. وإلى الياء كسرة. ولا خلاف في امتناع الابتداء بالمصوت وإنما الخلان في أن ذلك بسكونه حتى يمتنع الابتداء بالساكن الصامت أيضا أو لذاته لكونه عبارة عن مدة متولدة من إشباع حركة تجانسها فلا يتصور إلا حيث يكون قبلها صامت متحرك وهذا هو الحق لأن كل سليم الحس يجد من نفسه إمكان الابتداء بالساكن ، وإن كان مرفوضا في لغة العرب كالوقف على المتحرك والجمع بين الساكنين من الصوامت إلا في الوقف مثل زيد وعمرو ، أو إذا كان (٣) الصامت الأول حرف لين والثاني مدغما نحو خويصة فإنه جائز ، كما إذا كان الأول مصوتا نحو دابة وعدم قدرة البعض على الابتداء بالساكن لا يدل على امتناعه كالتلفظ ببعض الحروف ، فإن ذلك لقصور في الآلة والاستدلال على الإمكان بأن المصوت أينما كان مشروط بالصامت ، فلو كان الصامت مشروطا به في بعض المواضع كالابتداء لزم الدور ، وليس بشيء لأن المصوت مشروط بأن يسبقه صامت والصامت في الابتداء مشروط بأن يلحقه مصوت فيكونان معا ولا استحالة فيه.
قوله : وينقسم أي الحرف باعتبار آخر إلى آني وزماني (٤) لأنه إن أمكن
__________________
(١) صامتة لعدم اقتضائها امتداد الصوت.
(٢) راجع ما كتبه صاحب المواقف في المقصد الثاني من الجزء الخامس ص ٢٧١ وما بعدها.
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (إذا).
(٤) عبارة صاحب المواقف تشعر أن هناك ثلاثة أقسام. الأول : إما زمانية صرفة وهي الحروف المصوتة كالفاء والقاف ، وإما آنية صرفة وهي الحروف الصامتة والتي لا يمكن تمديدها أصلا ـ