وذهب الفلاسفة وكثير من المعتزلة إلى أن (١) هذا الاشتراط بناء على ما يشاهد من زوال الحياة بانتقاض البنية وتفرق الأجزاء ، وبانحراف المزاج عن الاعتدال النوعي وبعدم سريان الروح في العضو لسدة (٢) أو شدة ربط يمنع نفوذه ، ورد بأن غايته الدوران وهو لا يقتضي الاشتراط بحيث يمتنع بدون (٣) تلك الأمور.
واستدل بعض المتكلمين على امتناع كون الحياة مشروطة بالبنية بأنها لو اشترطت فإما أن تقوم بالجزءين من البنية حياة واحدة فيلزم قيام العرض بأكثر من محل واحد ، وقد مر بطلانه ، وإما أن يقوم بكل جزء حياة ، وحينئذ إما أن يكون القيام بكل جزء مشروطا بالقيام بالآخر فيلزم الدور أو لا فيلزم الرجحان بلا مرجح لتماثل الأجزاء واتحاد حقيقة الحياة. لا يقال لا يجوز أن يقوم بالبعض فقط لأسباب مرجحة من الخارج. لأنا نقول : فيكون الحي هو ذلك البعض لا البنية المؤلفة.
وأجيب بأنها تقوم بالمجموع الذي هو البنية المؤلفة ، وليس (٤) هذا من قيام العرض بمحلين على ما سبق ، أو يقوم بكل جزء حياة ، ويكون اشتراط كل بالآخر بطريق المعية (٥) دون التقدم فلا يلزم الدور المحال ، أو يكون قيامها
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ (أن).
(٢) في (ب) لشده بالشين وليس بالسين.
(٣) سقط من (ب) لفظ (بدون).
(٤) سقط من (ب) لفظ (ليس).
(٥) المعية : هي الوجود معا ، وهي زمانية ، ومنطقية. أما المعية الزمانية فهي الحدوث في زمان واحد ، وهي مطلقة أو نسيبة ، أما المطلقة فهي وجود الأشياء في زمان واحد ، أي في زمان متجانس الأجزاء لا تختلف أوقات وجودها فيه باختلاف موقف الشخص الذي يلاحظها ، وللمعية عند قدماء النظار أقسام مختلفة ، ومنها المعية الشرفية : كشخصين متساويين في الفضيلة ، والمعية بالرتبة : كنوعين متقابلين تحت جنس واحد ، وشخصين متساويين في القرب من المحراب ، والمعية بالذات : كجرمين مقومين لماهية واحدة في رتبة واحدة. والمعية بالعلية : كعلتين لمعلولين شخصين عن نوع واحد.
(راجع كليات أبي البقاء).