وأثبت القاضي وراء العلم والعالمية إضافة إما لأحدهما فيكون هناك ثلاثة أمور ولكل منهما فتكون أربعة ، وعلى هذا قياس سائر الإدراكات ، فإنه أورد عليهم علم الشيء بنفس ذاته فإن التعلق لا يتصور إلا بين شيئين.
أجيب بأن التغاير الاعتباري كاف على ما مر في حصول الشيء للشيء ، نعم يرد عليهم العلم بالمعدومات من الممكنات ككثير من الأشكال الهندسية ، والممتنعات كالمفروضات التي يبين (١) بها الخلف (٢) فإنه لا تحقق لها في الخارج ، وإذا لم تتحقق في الذهن أيضا لم تتصور الإضافة بينهما وبين العالم ، وما يقال من إمكان تحققها قائمة بأنفسها على ما هو رأي أفلاطون ، أو بغيرها من الأجرام الغائبة عنا فضروري البطلان في الممتنعات ، لا يقال غاية ما في الباب إثبات الصورة الذهنية في العلم بالمعدومات. قلنا : الإدراك معنى واحد لا يختلف إلا بالإضافة إلى المدرك والمدرك ، فإن (٣) علم أنه غير نفس الإضافة في موضع علم كونه كذلك مطلقا.
فإن قيل : العلم بالمعدومات وارد على القول بالصورة أيضا لأن الصورة إنما تكون لذي الصورة لا للعدم المحض فإما أن تكون في الخارج فلا يكون معدوما والكلام فيه أو في الذهن فيكون من المعدوم أمر هو الصورة ، وأمر آخر له الصورة وهو باطل لم يقل به أحد.
قلنا ليس في الذهن إلا أمر واحد هو الصورة ، ومعنى كونها صورة للمعدوم أنها بحيث لو أمكن في الخارج تحققها وتحقق ذلك المعدوم لكانت إياه ، ثم إنها من حيث قيامها بالذهن وحصولها فيه علم تتصف به النفس ، ومن حيث ذاتها وماهيتها العقلية أعني مع قطع النظر عن قيامها بالذهن معلوم له وجود غير متأصل ، وهذا بخلاف الموجود ، فإن العلم ما في الذهن
__________________
(١) في (ب) مبنى بدلا من (يبين).
(٢) في (ب) الخلق بدلا من (الخلف)
(٣) في (ب) فإذا بدلا من (فإن).