ملائم لا مناف ، وإنما المنافي هوية الحرارة الغريبة وليست بمدركة ، وإن كانت حاصلة لأنها صارت بمنزلة الطبيعة فلم يكن هناك انفعال وشعور فلم يكن ألم.
وقيل : الاشتراك لفظي ، والتفسير إنما هو للحسي خاصة ، وأما الوجع فمختص بالحسي في العرف أيضا ، بل الأظهر اختصاصه باللمس على ما صرح به البعض ، وإن كان ظاهر كلام أئمة اللغة أنه يرادف الألم ، فلذا قلنا : الحسي من الألم سيما اللمسي يسمى وجعا.
واتفقت كلمة الأطباء على أن كلا من تفرق الاتصال وسوء المزاج المختلف يقع سببا للوجع في الجملة ، وأن لا سبب له (١) سواهما ، إما بحكم الاستقراء ، وإما بالاستدلال وإن كان ضعيفا ، وهو أن كمال العضو صحته وهي بالمزاج المعتدل ، والهيئة التي بها تتأتى الأفعال على ما يجب.
فالمنافي لهذا الكمال يكون مبطلا لاعتدال المزاج ، وهو سوء المزاج ، أو للهيئة وهو تفرق الاتصال.
وإنما اختلفوا في أن كلا منهما يصلح سببا بالذات كما يكون بالعرض وهو مذهب ابن سينا.
أو السبب بالذات هو تفرق الاتصال فقط ، وسوء المزاج إنما يكون سببا بواسطة ما يلزمه من تفرق الاتصال وهذا هو المشهور من مذهب جالينوس وكثير من الأطباء ، أو بالعكس أي السبب بالذات هو سوء المزاج فقط ، والتفرق إنما يكون سببا بواسطته. وإلى هذا مال الإمام الرازي وجمع من المتأخرين.
وعلى كل من المذاهب احتجاجات واعتراضات أعرضنا عنها مخافة التطويل ، وتفاصيلها في شرح القانون (٢) واشترط ابن سينا في سوء المزاج (٣)
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (له).
(٢) راجع ما كتبه ابن سينا في كتابه القانون الفصل الثالث في علامات الأمزجة الجزء الأول ص ١١٤ ، وأيضا ما كتبه في الفن الثالث في سبب الصحة والمرض وضرورة الموت الجزء الأول ص ١٤٨ ط مؤسسة الحلبي وشركاه.
(٣) عبارة ابن سينا في كتاب القانون «وقد يمكن أن يتعرف من حال أظافر اليدين في لينها ـ