المؤلم أن يكون حارا ، أو باردا ، لا رطبا أو يابسا ، وأن يكون مختلفا لا متفقا.
أما الأول : فلأن الرطوبة واليبوسة من الكيفيات الانفعالية دون الفعلية ، وفيه بحث لأنه إن أريد أنهما ليست فاعليتين والمؤلم بالذات فاعل فيشكل بجعل اليبوسة سببا لتفرق الاتصال وكليهما لكثير من الأمراض فليكونا سببين للوجع بذلك المعنى ، من غير توسط تفرق الاتصال فلا ينحصر السبب فيه ، وفي سوء المزاج الحار أو البارد.
وأما السبب بالذات بمعنى المؤثر بالطبع فلا دليل على كون الحار والبارد وتفرق الاتصال كذلك ، وإن أريد أن الوجع إحساس ما ، والإحساس انفعال والانفعال لا يكون إلا عن فاعل وهما ليسا من الكيفيات الفاعلة فيشكل بتصريح ابن سينا في مواضع من كتبه بل إطباق القوم على أنهما من الكيفيات المحسوسة بل أوائل الملموسات فعند خروجهما عن (١) الاعتدال يكونان متنافيين ، فإدراكهما من حيث هما كذلك يكون ألما ثم ذكر ابن سينا أن : سوء المزاج اليابس قد يكون مؤلما بالعرض لأنه قد يتبعه لشدة التقبيض (٢) تفرق الاتصال المؤلم بالذات.
واعترض بأن الرطب أيضا (٣) قد يستتبعه بواسطة التمديد اللازم لكثرة الرطوبة المحوجة إلى مكان أوسع وأجيب بأن ذلك إنما يكون في الرطوبة التي مع المادة فيكون الموجب هو المادة لا الرطوبة نفسها.
وأما الثاني : فلأن سوء المزاج المتفق غير مؤلم ، ولذلك يسمى بالمتفق
__________________
ـ وخشونتها ويبسها حال مزاج البدن ان لم ذلك بسبب غريب على أن الحكم من اللين والصلابة متوقف على تقدم صحة دلالة الاعتدال في الحرارة والبرودة فإنه إن لم يكن كذلك أمكن أن يلين الحار الملمس الصلب والخشن فضلا عن المعتدل بتحليله فيتوهم أنه لين بالطبع ورطب ، وأن يصلب البارد الملمس اللين فضلا عن المعتدل إجماده الخ».
(كتاب القانون ـ ١ ص ١١٦).
(١) في (ب) من بدلا من (عن).
(٢) في (ب) النقص وعبارة ابن سينا (التقبيض).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (أيضا).