القطع بما هو في غاية الحدة مدفوع بأن التفرق حركة ، بعض الأجزاء عن البعض على أن الممتنع سببية المعدوم دون العدمي خصوصا في المعدوم والمراد أن القدر المحسوس من التفرق إذا كان في عضو حاس مع الشعور والتفات النفس من غير ألف واستمرار وقد أدرك من جمعه كونه منافيا فهو مؤلم ، ولو بواسطة استتباعه فقدان هيئة العضو كماله اللائق وحينئذ لا إشكال).
إشارة إلى دفع الشبه التي أوردها الإمام على كون تفرق الاتصال سببا للوجع ، فمنها : أن التفرق يرادف الانفصال وهو عدمي فلا يصلح علة للوجع لأنه وجودي.
وأجيب : أن الانفصال المرادف للتفرق ليس هو عدم الاتصال بل حركة بعض الأجزاء عن البعض فلا يكون عدميا ، ولو سلم فلا محالة يلزمه كون هيئة العضو فاقدة كماله اللائق به وأمكن إدراكه من هذه الجهة فيكون موجعا بذاته بمعنى أنه ليس بتوسط سوء المزاج ، وإن كان بتوسط ما يلزمه من خروج الهيئة العضوية عن كمالها.
ولو سلم فالعدمي لا يلزم أن يكون معدوما ليمتنع كونه علة للوجودي ، ولو سلم فالمراد بالسبب هاهنا المعد أي الفاعل لإعداد العضو لقبول الوجع لا المؤثر الموجد ، ولا امتناع في أن يكون التفرق العدمي بحيث متى حصل اقتضى الوجع كسوء المزاج.
ومنها أنه : لو كان سببا للوجع لكان الإنسان دائما في الوجع لأنه دائما في تفرق الاتصال بواسطة الاغتذاء والتحلل ، لأن الاغتذاء والنمو إنما يكون بنفوذ الغذاء في الأعضاء والتحلل إنما يكون بانفصال أجزاء عن الأعضاء.
لا يقال : هذا التفرق لكونه في غاية الصغر لا يؤلم أو لا يحس بألمه لا سيما وقد صار مألوفا بدوامه.
لأنا نقول : كل تفرق وإن كان صغيرا لكن جملتها كثيرة جدا ، ولو كان التفرق حين ما كان مألوفا غير مؤلم لكان تفرق كذلك ، لأن حكم الأمثال واحد.
ومنها : أن التفرق لو كان سببا بالذات لما تأخر عنه الأثر بحسب الزمان.