دون البعض. ورد عليه ابن سينا بأنه أهمل الشرائط التي يجب أن تراعى في حال ماله وسط ، وما ليس له وسط ، وهي أن يفرض الموضوع واحدا بعينه في زمان واحد بعينه ، وأن يكون الجزء واحدا بعينه والجهة والاعتبار واحدة بعينها فان فرض إنسان واحد ، واعتبر منه عضو واحد أو أعضاء مختلفة (١) معينة في زمان واحد ، وجاز أن لا يكون معتدل المزاج سوى التركيب ، بحيث يصدر عنه جميع الأفعال التي يتم بذلك العضو أو الأعضاء سليمة ، وأن لا يكون ليس كذلك ، فهناك واسطة ، وإن كان لا بد من أن يكون معتدل المزاج سوى التركيب ، أو لا يكون معتدل المزاج ، سوى التركيب ، إما لثبوت أحدهما دون الآخر ، أو لانتفائها جميعا ، فليس بينهما واسطة هذا كلامه ، وقد اعتبر في المرض أن لا يكون جميع أفعال العضو سليمة ، إما لكونه عبارة عن عدم الصحة التي هي مبدأ سلامة جميع الأفعال ، أو عن هيئة بها يكون شيء من الأفعال مألوفا ، ولا خفاء في انتفاء الواسطة حينئذ ، وأما إذا اعتبر في المرض أن يكون جميع الأفعال غير سليمة بأن يجعل عبارة عن هيئة بها يكون جميع أفعال العضو ، أعني الطبيعية والحيوانية والنفسانية مألوفة ، فلا خفاء في ثبوت الواسطة بأن يكون بعض أفعال العضو سليما دون البعض ، وإن اعتبر آفة أفعال جميع الأعضاء فثبوت الواسطة أظهر ، وعلى هذا يكون الاختلاف مبنيا على الاختلاف في تفسير المرض ، وكلام الإمام مشعر بابتنائه على الاختلاف في تفسيرهما حيث قال يشبه أن يكون النزاع لفظيا فمن نفى الواسطة أراد بالصحة كون العضو الواحد ، أو الأعضاء الكثيرة في الوقت الواحد أو في الأوقات الكثيرة بحيث يصدر عنه الأفعال سليمة ، وبالمرض أن لا يكون كذلك ، ومن أثبتها أراد بالصحة كون كل الأعضاء بحيث يصدر عنها الأفعال (٢) تكون أفعالها سليمة ، وبالمرض كون كل الأعضاء بحيث تكون أفعالها مألوفة وفي كلام ابن سينا ما يشعر بابتنائه على الاختلاف في تفسير الصحة حيث ذكر في أول القانون أنه لا تثبت الحالة الثالثة إلا أن يجدوا الصحة كما يشتهون
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ (مختلفة).
(٢) في (ب) بزيادة (يصدر عنها الأفعال).