متقدمه مع متأخره وبها يحصل الجسم في حيز بعد ما كان في آخر ، وحقيقته أمر واحد متصل في نفسه منقسم بحسب الغرض (١) على قياس المسافة والزمان ، وقد يقال الحركة لما يتوهم من كليته المتصلة الممتدة بين المبدأ والمنتهى ، ولا وجود لها في الأعيان ، لأنها قبل الوصول لم يتم ، وعنده قد انقضت ، وأما الأول فوجوده ضروري ، وعدم حصول المنقضى ، واللاحق مع انتفاء الحاضر لأنه إن لم ينقسم لزم الجزء ، وإن انقسم عاد الكلام لا يقتضي العدم مطلقا كيف والمنقضى ما فات بعد الكون ، واللاحق ما هو بصدد الكون).
يشير إلى أن ما ذكر بيان للمعنى المحقق الموجود من الحركة ، فإن لفظ الحركة يطلق على معنيين أحدهما كيفية بها يكون للجسم توسط بين المبدأ والمنتهى بحيث لا يكون قبله ولا بعده وهي حالة مستمرة غير مستقرة أي يوجد المتحرك ما دام متحركا ، ولا يجتمع متقدمه مع متأخره ، وبها يحصل الجسم في حيز بعد ما كان في حيز آخر ، وحقيقته كون في الوسط ينقسم إلى أكوان بحسب الفرض والتوهم وهو في نفسه واحد متصل على قياس المسافة والزمان فيما يفرض من حدود المسافة لئلا يلزم تركب الحركة من أجزاء لا تتجزأ ، وثانيهما الأمر المتصل المعقول للمتحرك من المبدأ إلى المنتهى. والحركة بهذا المعنى لا وجود لها في الأعيان لأن المتحرك ما دام لم يصل إلى المنتهي لم توجد الحركة بتمامها فإذا انتهى ، فقد انقطعت الحركة وبطلت ، بل في الأذهان لأن للمتحرك نسبة إلى المكان الذي تركه وإلى المكان الذي أدركه ، فإذا ارتسمت في الخيال صورة كونه في المكان الأول ثم ارتسمت قبل زوالها عن الخيال صورة كونه في المكان الثاني فقد اجتمعت الصورتان في الخيال ، وحينئذ يشعر الذهن بالصورتين معا على أنهما شيء واحد ، وأما بالمعنى الأول فوجودها ضروري يشهد به الحس.
فإن قيل : الحكم بالوجود في الخارج إما أن يكون على الماضي من
__________________
(١) في (أ) الغرض بدلا من (الفرض).