فيجاب بأن انقسام المسافة هاهنا سواء كانت على جسم واحد أو أجسام مختلفة محض توهم فلا تحقق للنقطة والآن بخلاف ما إذا انقطعت الحركة فتحققت لها نهاية ، فإنه لا بد من ذلك في المسافة أيضا لانطباقها عليه وفيه نظر لا يخفى.
(قال : (وزعم الجبائي (١))
إن صعود الحجر بغلبة اعتماده المجتلب على اللازم وهبوطه (٢) بالعكس وبينهما لا محالة تعادل يقتضي السكون لامتناع الترجح بلا مرجح.
والجواب : أنه لو سلم التعادل ففي آن الوصول ولزوم السكون بمعنى عدم الحركة لو في آن مما لا نزاع فيه).
يعني أنه ثبت السكون بين الحركة الصاعدة والهابطة تمسكا بأن الحجر مثلا إنما يصعد بسبب أن اعتماده المجتلب ، أعني الميل القسرى (٣) يغلب اعتماده اللازم أعني الميل الطبيعي (٤) ثم لا يزول يضعف بمصادمات الهواء المخروق إلى أن يغلب اللازم فيرجع الحجر هابطا ، والانتقال من الغالبية إلى المغلوبية لا يتصور إلا بعد التعادل ، وعنده يجب السكون ، إذ لو تحرك فإما قسرا أو طبعا ، وكل منهما ترجح بلا مرجح.
والجواب : أنه لو سلم لزوم التعادل فليكن في آن الوصول لا في زمان يبين آني الوصول والرجوع يكون الجسم فيه ساكنا على ما هو المدعي وأن سمى عدم الحركة في الآن سكونا (٥) كان معنى الكلام أن الحركة الأولى تنقطع وتنعدم فتحدث بعدها حركة أخرى ، وهذا مما لا يتصور فيه نزاع.
__________________
(١) هو محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي أبو علي ت ٣٠٣ ه. وقد سبق أن ترجم له ترجمة وافية.
(٢) في (ب) وشرطه بدلا من (بهبوطه).
(٣) الميل القسري : هو الذي يكون بسبب خارجي كميل الحجر المرمى إلى فوق.
(٤) الميل الطبيعي : هو الذي يكون بالطبع كميل الحجر الساقط إلى أسفل.
(٥) في (ب) الحال بدلا من (الآن).