وليس كذلك وفاقا ، حين صرح الكعبي (١). بأن من زعم أن علم الله يعبد فهو كافر.
فإن قيل : يكفي في عدم لزوم هذه المحالات ، كون المفهوم من الذات ، غير المفهوم من الصفات ، وكون المفهوم من كل صفة مغايرا للمفهوم من الأخرى ، وهذا لا نزاع فيه ، ولا يستلزم الزيادة بحسب الوجود كما هو المطلوب.
ألا نرى أن حمل مثل الكاتب. والضاحك ، والعالم ، والقادر على الإنسان يفيد ، وربما يحتاج إلى البيان ، مع اتحاد الذات ، وعدم لزوم كون الكتابة وهو الضحك ، والضاحك والناطق.
قلنا : ليس الكلام في العالم والقادر والحي ونحو ذلك ، مما يحمل على الذات بالمواطأة بل في العلم والقدرة والحياة ، ونحوها مما لا يحمل إلا بالاشتقاق ، فإنها إذا كانت نفس الذات كان لزوم المحلات المذكورة ظاهرا.
فإن قيل : إنما يلزم ذلك لو لم تكن الذات مع الصفات ، وكذا الصفات بعضها مع البعض ، متغايرة بحسب الاعتبار ، وإن كانت متحدة بحسب الوجود ، وذلك بأن تكون الذات من حيث التعلق بالمعلومات عالما بل علما (٢) ، ومن حيث التعلق بالمقدورات قادرا بل قدرة (٣) ، ومن حيث كونه بحيث يصح أن يعلم ويقدر حيا بل (٤) حياة وعلى هذا القياس ؛ ، ويكون معنى الحمل ، أن الذات متعلق بالمعلومات وبالمقدورات مثلا ، ولا خفاء في إفادته ، وافتقاره إلى البيان ، ولا في تمايز الاعتبارات
__________________
(١) الكعبي : هو عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبيّ البلخيّ الخرسانيّ ، أبو القاسم أحد أئمة المعتزلة ، كان رأس طائفة منهم تسمى (الكعبية) وله آراء ومقالات في الكلام انفرد بها ، وهو من أهل بلخ وتوفي بها عام ٣١٩ ه له كتب منها «التفسير وتأييد مقالة أبي الهذيل». و «أدب الجدل» و «الطعن على المحدثين». قال السمعانيّ : من مقالته : إن الله تعالى ليس له إرادة وأن جميع أفعاله واقعة منه بغير إرادة ولا مشيئة منه لها».
راجع تاريخ بغداد ٩ : ٣٨٤ ووفيات الأعيان ١ : ٢٥٢ ، ولسان الميزان ٣ : ٢٥٥ وهدية العارفين ١ : ٤٤٤.
(٢) في (ب) بلا علم.
(٣) في (ب) بلا قدرة.
(٤) في (ب) بلا حياة.