المبحث الرابع
في أنه تعالى مريد
(قال :
في أنه مريد ، اتفقوا على ذلك ودل عليه كونه فاعلا بالاختيار ، فعندنا بصفة قديمة قائمة بذاته على قياس سائر الصفات للقطع بأن تخصيص أحد طرفي المقدور بالوقوع يكون لصفة خاصة نجدها من أنفسنا ليست هي العلم والقدرة ونحوهما ، وتعلقها لذاتها فلا يلزم تسلسل الإرادات ووجوب المراد بها لا ينافي الاختيار وقدمها لا يوجب قدمه ، ولا ينافي حدوث تعلقها).
المبحث الرابع :
اتفق المتكلمون والحكماء وجميع الفرق على إطلاق القول بأنه مريد ، وشاع ذلك في كلام الله تعالى وكلام الأنبياء عليهمالسلام (١) ، ودل عليه ما ثبت من كونه تعالى فاعلا بالاختيار ، لأنه معناه القصد والإرادة مع ملاحظة ما للطرف الآخر ، فكأن المختار ينظر إلى الطرفين ويميل إلى أحدهما ، والمريد ينظر إلى الطرف الذي يريده ، لكن كثرة الخلاف في معنى إرادته.
فعندنا صفة قديمة زائدة على الذات قائمة به على ما هو شأن سائر الصفات الحقيقية. وعند الجبائية (٢) صفة زائدة قائمة لا بمحل ، وعند الكرامية صفة حادثة
__________________
(١) في (أ) بزيادة (عليهمالسلام).
(٢) الجبائية : أصحاب أبي محمد بن عبد الوهاب الجبائيّ ، وابنه أبي هاشم عبد السلام وهما من معتزلة البصرة ، انفردا عن أصحابها بمسائل : فمنها : أنهما؟؟؟؟ إرادات حادثة لا في محل ، يكون الباري تعالى بها موصوفا مريدا وتعظيما لا في محل إذا أراد ان يعظم ذاته وفناء لا في محل إذا اراد ان يفنى العالم ، وأخص أوصاف هذه الصفات يرجع إليه من حيث أنه تعالى أيضا لا في محل.
راجع الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ٨٠.