ولا نسلم استحالة ذلك ، وإنما المستحيل هو أنه (١) شاء فعل العدم ، وهذان الوجهان لنفي كون المؤثر قادرا واجبا كان أو غيره ، وقد ذكرهما في المواقف بطريق السؤال والجواب بعد ما قال : احتج الحكماء بوجوه (٢).
الأول : ذكرنا أولا ولم يذكره غيره.
الخامس : أن الفاعل للشيء بطريق القدرة والاختيار ، إن كان الفعل أولى به من الترك لزم استكماله بالغير ، وإن لم يكن أولى لزم كون فعله عبثا وكلا الأمرين محال على الواجب.
الجواب : أنا لا نسلم أن الفعل إذا لم يكن أولى به كان عبثا (٣) لما لا يكفي في نفي العبث كونه أولى في نفس الأمر ـ أو بالنسبة إلى الغير من غير أن تكون تلك الأولوية أولى بالفاعل ، وإن سمي مثله عبثا بناء على خلوه من نفع للفاعل. فلا نسلم استحالته على الواجب.
السادس : أن الباري تعالى لو كان قادرا مختارا لزم انقلاب الممتنع ممكنا أو جواز كون الأزلي أثرا للقادر وكلاهما محال.
وجه اللزوم أن أثره إن كان ممتنعا في الأزل ، وقد صار ممكنا فيما لا يزال فهو الأمر الأول ، وإن كان ممكنا وقد أوجده القادر فهو الثاني لأن إمكانه في الأزل (٤). مع أن الاستناد إلى القادر في قوة إمكان (٥) استناده إلى القادر مع كونه في الأزل.
والجواب : منع الملازمة الثانية لجواز أن يكون ممكنا في الأزل نظرا إلى ذاته وممتنع وقوعه في الأزل ، نظرا إلى وصف استناده إلى القادر كالحادث ممكن في الأزل لذاته ،
__________________
(١) في (ب) إن شاء بدلا من (أنه شاء).
(٢) راجع ما ذكره صاحب المواقف في المقصد الثاني ج ٨ ص ١٥٣ حيث قال «احتج الحكماء على إيجابه تعالى بوجوه كثيرة أقواها ما صرح به المصنف وعبر عنه بقوله : الأول : لأنه الذي عليه يعولون .. الخ.
(٣) في (ب) عيبا بدلا من (عبثا).
(٤) سقط من (ب) من أول : وقد ... إلى (في الأزل).
(٥) في (أ) بزيادة (إمكان).