قل له عندي من هؤلاء عشرون ألفا ، هذا حدّ طاعتهم (١).
فعاد الرسول وأخبر ملك شاه ، فعجب ، وأعرض عن كلامهم.
[حيلة للباطنية في الاستيلاء على قلعة]
وصار بأيديهم قلاع كثيرة ، منها قلعة على خمسة فراسخ من أصبهان ، وكان حافظها رجلا تركيّا ، فصادقه نجّار منهم ، وأهدى له جارية ، وقوسا (٢) ، فوثق به ، وكان يستنيبه في حفظ القلعة. فاستدعى النّجّار ثلاثين (٣) رجلا من أصحاب ابن عطّاش (٤) ، وعمل دعوة ، ودعا التّركيّ وأصحابه ، وسقاهم الخمر ، فلمّا سكروا تسلّق الثّلاثون (٥) بحبال إليه (٦) ، فقتلوا أصحاب التّركيّ ، وسلم هو وحده ، فهرب. وتسلّموا القلعة.
وقطعوا الطّرقات ما بين فارس وخوزستان.
ثمّ ظفر جاولي بثلاثمائة منهم ، فأحاط هو وجنده بهم فقتلوهم. وكان جماعة منهم في عسكر بركياروق ، فاستغووا خلقا منهم ، فوافقهم ، فاستشعر أصحاب السّلطان منهم ، ولبسوا السّلاح ، ثمّ قتلوا منهم مائة رجل.
[من خزعبلات الباطنيّة]
وكان بنواحي المشان رجل منهم يتزهّد ويدّعي الكرامات. أحضر مرّة جديا مشويّا لأصحابه ، وأمر بردّ عظامه إلى التّنّور ، فردّت ، وجعل على التّنّور طبقا. رفع الطّبق فوجدوا جديا يرعى حشيشا ، ولم يروا نارا ولا رمادا. فتلطّف بعض أصحابه حتّى عرف بأنّ التّنّور كان يفضي إلى سرداب ، وبينهما شقّ (٧) من
__________________
(١) البداية والنهاية ١٢ / ١٥٩ ، ١٦٠.
(٢) هكذا في الأصل. وفي المنتظم : «وفرسا».
(٣) في الأصل : «ثلاثون» ، وهو غلط.
(٤) في المنتظم : «عطاس» ، بالسين المهملة : والمثبت يتفق مع : الكامل ١٠ / ٣١٦ ، واسمه : «أحمد بن عبد الملك بن عطاش». (تاريخ دولة آل سلجوق ٩٠).
(٥) في الأصل : «الثلاثين».
(٦) في المنتظم ٩ / ١٢٢ : «فلما توسّطوا الشعب عاد عليهم ومن معه من أصحابه ، فقتلوهم فلم يفلت إلّا ثلاثة نفر تسلّقوا في الجبال ..».
(٧) في المنتظم : «طبق».