وأمّا الأذفونش ، فقدم إلى بلده بأسوإ حال ، فسأل عن أبطاله وبطاركته ، فوجد أكثرهم قد قتلوا ، وسمع نوح الثّكالى عليهم ، فلم يأكل ولا التذّ بعيش حتّى مات غمّا ، وخلّف بنتا ، فتحصّنت بطليطلة (١).
ثمّ أخذ عسكر ابن تاشفين يغيرون ، حتّى كسبوا من الفرنج ما تجاوز الحدّ ، وبعثوا بالمغانم إلى مرّاكش. واستأذن مقدّمهم سير بن أبي بكر لابن تاشفين في المقام بالأندلس ، وأعلمه أنّه قد افتتح حصونا ، ورتّب فيها ، وأنّه لا يستقيم الأمر إلّا بإقامته. فكتب إليه ابن تاشفين يأمره بإخراج ملوك الأندلس من بلادهم وإيجافهم في العدوة ، فإن أبوا عليه حاربهم. وليبدأ بالثّغور : ولا تتعرّض للمعتمد.
فابتدأ سير بملوك بني هود يستنزلهم من قلعة روطة ، وهي منيعة إلى الغاية ، وماؤها (٢) ينبوع في أعلاها ، وبها من الذّخائر المختلفة ما لا يوصف. فلم يقدر عليها ، فرحل عنها. ثمّ جنّد أجنادا على زيّ الفرنج ، وأمرهم أن يقصدوها كالمغيرين ، وكمن هو والعسكر ، ففعلوا ذلك.
فرآهم ابن هود ، فاستضعفهم ، ونزل في طلبهم ، فخرج عليه سير ، فأسره وتسلّم القلعة (٣).
ثمّ نازل بني ظاهر بشرق الأندلس ، فسلّموا إليه ، ولحقوا بالعدوة.
ثمّ نازل بني صمادح بالمريّة ، فمات ملكهم في الحصار ، فسلّموا المدينة.
ثمّ نازلوا المتوكّل عمر بن الأفطس ببطليوس ، فخامر عليه أصحابه ، فقبضوا عليه ، ثمّ قتل صبرا (٤).
ثمّ إنّ سير كتب إلى ابن تاشفين أنّه لم يبق بالجزيرة غير المعتمد فأمره أن
__________________
(١) وفيات الأعيان ٧ / ١٢٢.
(٢) في الأصل : «ومائها».
(٣) وفيات الأعيان ٧ / ١٢٢.
(٤) وفيات الأعيان ٧ / ١٢٢ ، ١٢٣.