ما يقول السّادة الفقهاء (١) في قوم يؤمنون بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر (٢) ، وإنّما يخالفون في الإمام ، هل يجوز للسّلطان مهادنتهم وموادعتهم ، وأن يقبل طاعتهم (٣)؟ فأجاب الفقهاء بالجواز ، وتوقّف بعض الفقهاء. فجمعوا للمناظرة ، فقال أبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن السّمنجانيّ (٤) : يجب قتالهم ، (٥) ولا ينفعهم اللّفظ (٦) بالشّهادتين ، فإنّهم يقال لهم : أخبرونا عن إمامكم إذا أباح لكم ما حذّره الشّارع (٧) أيقبلون منهم (٨)؟ فإنّهم يقولون : نعم ، وحينئذ تباح دماؤهم (٩) بالإجماع.
وطالت المناظرة في ذلك.
ثمّ بعثوا يطلبون من السّلطان من يناظرهم ، وعيّنوا أشخاصا ، منهم شيخ الحنفيّة القاضي أبو العلا صاعد بن يحيى قاضي أصبهان ، فصعدوا إليهم ، وناظروهم ، وعادوا كما صعدوا. وإنّما كان قصدهم التّعلّل ، فلجّ السّلطان حينئذ في حصرهم. فأذعنوا بتسليم القلعة على أن يعطون قلعة خالنجان ، وهي على مرحلة من أصبهان. وقالوا : إنّ نخاف على أرواحنا (١٠) من العامّة ، ولا بدّ من مكان نأوي إليه. فأشير على السّلطان بإجابتهم ، فسألوا أن يؤخّرهم (١١) إلى يوم النّوروز ، ثمّ يتحوّلون. فأجابهم إلى ذلك. هذا ، وقصدهم المطاولة انتظارا لفتق ينفتق ، أو حادث يتجدّد.
ورتّب لهم الوزير سعد الملك راتبا كلّ يوم. ثمّ بعثوا من وثب على أمير
__________________
(١) في الكامل ١٠ / ٤٣٢ زيادة : «أئمة الدين».
(٢) في الكامل ١٠ / ٤٣٢ زيادة : «وإنّ ما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم حقّ وصدق».
(٣) زاد في الكامل ١٠ / ٤٣٢ : «ويحرسهم من كل أذى ، فأجاب أكثر الفقهاء».
(٤) في الأصل : «السخاوي». وزاد في الكامل بعدها : «وهو من شيوخ الشافعية ، فقال بمحضر من الناس».
(٥) زاد في الكامل : «ولا يجوز إقرارهم بمكانهم».
(٦) في الكامل : «التلفّظ».
(٧) في الكامل : «ما حظره الشرع».
(٨) في الكامل : «أتقبلون أمره».
(٩) في الأصل : «دماءهم».
(١٠) في الكامل ١٠ / ٤٣٣ : «دمائنا وأموالنا».
(١١) في الأصل : «يأخرهم».