بأنّ الصلاة إذا وجدت كانت موصوفة بوصف كذا ، فالشارع يتعبّدك في حال الشكّ أيضا بأنّ الصلاة إذا وجدت تكون موصوفة بهذا الوصف ، فالتعبّد في القضيّة الثانية يقوم مقام تصديقك في القضيّة الاولى ، فكما أنّ الشرط في الاولى راجع إلى التصديق ففي الثانية راجع إلى التعبّد ، وكما أنّ التصديق في الاولى متعلّق بالمحمول المفروض كونه متقيّدا بالشرط فعلا ، كذلك التعبّد أيضا متعلّق بالموضوع المتعبد به المفروض كونه متقيّدا بالشرط فعلا ، وكما أنّ الحكم الظاهري الشرعي في القضيّة التعليقيّة التي يكون المعلّق فيها هو الحكم يصير محقّقا عند فعليّة المعلّق عليه ، كذلك هذا التعبّد أيضا يصير محقّقا عند فعليّة المعلّق عليه ، وكما أنّ هذه الفعليّة كانت هناك أثرا عقلا لنفس الحكم يكون هنا أيضا أثرا عقليّا لنفس التعبّد ، فيرتفع الإشكال بحذافيره.
وعلى هذا فيكون الاستصحاب التعليقي في مسألة الكريّة أيضا جاريا ، ولكنّه مشكل ؛ لأنّهم ملتزمون فيها باستصحاب القلّة ، وكذلك يلزم على هذا الحكم بقلّة الماء في ما إذا علم كون الماء بحيث لو نقص عنه منّان ـ مثلا ـ لصار قليلا ، فشكّ في اللاحق في بقائه كذلك لاحتمال الزيادة ، فنقص عنه المنّان ، مع أنّهم ملتزمون في مثله باستصحاب الكريّة ، إلى غير ذلك من الموارد التي لا يمكن الالتزام بها.
والحقّ أن يقال : إنّ اليقين منصرف عن التقديري ، ألا ترى أنّ الشاكّ بين النقيضين أو الضدّين الذين لا ثالث لهما لا يصدق عليه المتيقّن؟ مع أنّه على فرض انتفاء كلّ من الطرفين قاطع بالطرف الآخر ، وعلى هذا فاليقين السابق المعتبر في الاستصحاب لقولهعليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشّك» لا بدّ أن يكون فعليّا ، فيكون المقام خارجا عن مورد الاستصحاب ، لكون اليقين فيه تقديريّا.
فإن قلت : ما الفرق بين الاستصحاب التعليقي فى الأحكام وبينه في الموضوعات؟
قلت : اليقين في الاستصحاب التعليقي في الأحكام فعليّ ، فإنّ التقدير إنّما هو لجعل الشارع وإنشائه ، لا ليقين المكلّف بصدور هذا الجعل والإنشاء من الشارع ،