زمان آخر كان متمحّضا للاستصحاب ، وحيث إنّ المفروض في القضيّة اختلاف زمان اليقين والشكّ كانت متمحّضة للاستصحاب ، فإذا قيل : من تيقّن بمطلق العدالة في يوم الجمعة فشكّ فيها ، فمعنى قوله : فشكّ فيها ، حصول الشكّ في مطلق العدالة في ما بعد الجمعة ، بمعنى كون الشكّ في البقاء ، فيكون متمحّضا للاستصحاب ، ومن المعلوم عدم إمكان الجمع بين هذين اللحاظين في شيء من اليقين والشك.
وجه الاندفاع أنّا نقول بأنّ الوقوع في زمان من الأزمنة غير ملحوظ أصلا لا قيدا ولا ظرفا ، ويكون المتعلّق مهملا عن الوجود في الزمان الأوّل والثاني والثالث وهكذا ، هذا.
والحقّ عدم تماميّة ما ذكرنا أيضا ، بيانه يتوقّف على مقدّمة ، وهي أنّه إذا تعلّق نفي أو نهي بالطبيعة المهملة التي هي المقسم بين الوجودات فلازم ما هو معنى النفي والنهي ومدخولهما بحسب اللغة هو استغراق جميع الأفراد واستيعابها ، ولا ندور في الحكم بالاستيعاب وعدم الحكم مدار إحراز مقدّمات الحكم في المدخول وعدمه ، فإن كان محرزا أنّ المتكلّم أراد المطلق من المدخول حكم بالاستيعاب ، وإلّا لم يحكم ، لاحتمال أن يكون المراد قسما خاصّا منه ، ويكون النفي والنهي بملاحظته ، كما ذكر ذلك بعض الأساتيدقدسسره.
فنقول : حال الشكّ حال النفي والنهي في أنّه إذا تعلّق بالطبيعة المهملة وما هو المقسم في ما بين الوجودات فلا بدّ أن يكون جميع أنحاء الوجود لهذه المهملة واقعة تحت الشكّ ، وذلك لأنّ الشكّ ذو طرفين ؛ لأنّ معناه عدم العلم بالوجود وعدم العلم بالعدم ، فمعنى مشكوكيّة المهملة عدم معلوميّة وجود المهملة ، وعدم معلوميّة عدمها ، ومعنى عدم معلوميّة وجود المهملة أن تكون بجميع أنحاء وجودها غير معلومة ، وإلّا فإن كان نحو خاصّ من وجودها معلوما وكان سائر الأنحاء غير معلوم فالمشكوك سائر الأنحاء ، ولا يصدق أنّه المهملة ؛ أو النحو الخاص المعلوم وجود المهملة أيضا.