الوجود في ترتيب وجود الجامع على الأصل المنقّح لوجود أحد الأشياء ، فكذلك في جانب العدم.
فكما أنّا لو كنّا قاطعين بخروج البول وعدم خروج المني ، ثمّ توضّينا فنحكم بارتفاع أصل الحدث عنّا بحكم الشارع ، كذلك لو قطعنا بخروج البول وشككنا في خروج المني بعده، فنحن نجري استصحاب عدم خروج المني فإذا توضّينا كان الحكم بعدم المحدثيّة من شأن الشارع.
فإن قلت : سلّمنا أنّ حكم الشارع ليس على عنوان العليّة ، بل بتطبيق ذات المعلول عند وجود ذات العلّة ، لكن نقول : كلّ من هذه الأشياء إنّما يتعقّبه حصّة من جامع الحدث ، غاية الأمر أنّ الحصّة مشتملة على أصل الجامع ، وحينئذ فالمتحصّل من نفيها نفي الحصص ، وترتيب نفي الجامع بنفي الحصص عقلي.
قلت : وإن كان الجامع لا يتحقّق إلّا في ضمن الفرد ، ولكنّ الشيء يؤثّر في حقيقة الأثر ، مثلا النار إنّما يؤثّر في حقيقة الإحراق ، لا في الإحراق الخاص بخصوصيّة كونه من قبل هذه النار الشخصيّة ، وكذلك مفاد القضيّة اللفظيّة أو اللبيّة في مقامنا ترتيب أصل حقيقة الحدث على كلّ واحد من الامور.
فإن قلت : هذا لا يتأتّى في ما إذا كان المسبّب من هذه الامور مختلفا بالشدّة والضعف ولو كان حقيقة واحدة ، وذلك مثل الدم والبول ، حيث إنّ الأوّل مؤثّر في الحدّ الضعيف من النجاسة المرتفع بالغسل مرّة ، والثانى في القويّ منها المتوقّف رفعه على الغسل مرّتين ؛ فإنّ نفي أصل الحقيقة بانتفاء مراتبها عقليّ.
قلت : ليست المراتب منتزعة من أمر خارج عن أصل الحقيقة ، فالنور الشديد ليس ما به الامتياز فيه عن النور الضعيف إلّا من جنس النور ، لا أنّه نور وشيء آخر ، فزيادة التأثير لا يخرجه عن التأثير في أصل الحقيقة.
فإن قلت : سلّمنا كلّ ذلك ، ولكن استصحاب عدم موجب الحدث الأكبر مثلا بضميمة القطع بأنّه لو لم يحدث الأكبر في الموارد الخاص بحدث الأصغر وارتفع يفيد الحكم بانتفاء حقيقة الحدث ، ولكنّه غير قاض بارتفاعها ، وقد كان الموضوع