محلّة من أنّ الوجود عليه في جميع المراتب المتبدّلة شدّة وضعفا واحد شخصي ما دام متّصلا ولم يتخلّل العدم في البين وإن انتزعت عنه ماهيّات مختلفة وأنواع متفاوته ، انتهى كلامه الشريف.
قال شيخنا الاستاد دام أيّام إفاداته الشريفة : حال الشدّة والضعف في الأعراض بعينها حال الزيادة والنقصان في الجواهر ، مثل البحر والقطرة ، ولا يخفي أنّ ما هو المادّة لتلك المراتب المتكثّرة ، ممّا دون القطرة إلى ما فوق البحر ليس له فعليّة الوجود إلّا في حال تلبّسه بإحدى تلك الصور ، وإلّا فإن لم يكن مرهونة في فعليّة الوجود بها فاللازم أن يكون البحر فعليّات ووجودات غير متناهية ، غير أنّها متّصفة باتّصال كلّ منهما بالآخر ، فإذا فرق بينهما فلم يتبدّل إلّا الوصف العرضي هو الاتّصال ، وإلّا فعين الوجودات السابقة باقية بحالها ، وهذا هو محلّ التشاجر بين المشّائيين والإشراقيين.
قال المحدّث الأسترآبادي في كلامه الذي نقله شيخنا المرتضى في بحث حجيّة القطع : ومن الموضحات لما ذكرنا من أنّه ليس في المنطق قانون يعصم من الخطاء في مادّة الفكر ، أنّ المشّائيين ادّعوا البداهة في أنّ تفريق ماء كوز إلى كوزين إعدام لشخصه وإحداث لشخصين آخرين ، وعلى هذه المقدّمة بنوا إثبات الهيولى ، والإشراقيين ادّعوا البداهة في أنّه ليس إعداما للشخص الأوّل وفي أنّ الشخص الأوّل باق ، وإنّما انعدمت صفة من صفاته وهو الاتّصال، انتهى.
فتحصّل أنّ الهيولى موجودة ، لكن بعين وجود البحر أو القطرة ، وليس لها وجود منحاز ، نعم هي بالقوّة موجودة بوجود القطرة ، والوجود الفعلي خاصّ بالبحر ، وكذا العكس ، نظير وجود العلقة في ضمن النطفة بالقوّة.
وبالجملة ، فعليّة الوجود بالحدّ ، فما لم ينضمّ إليه الحدّ الكذائي فلا وجود ولا فعليّة ، نعم له شأنيّة الوجود واستعداده وقوّته ، فإذا ارتفع الحدّ ارتفع ذلك الشخص من فعليّة الوجود وحدث مقارنا لزواله شخص آخر من الفعليّة المتقوّمة بالحدّ الآخر الحادث.
ثمّ لا فرق في ذلك بين الجواهر والأعراض ، لاشتراك الملاك في البابين ، كما هو واضح.