ارتفاعه ، فيجري استصحابه ـ يكون متوجّها ، هذا.
ولكنّ الحقّ خلاف الدعوى المذكورة ، فإنّ تعريف القوم بأنّ الاستصحاب إبقاء ما كان وإن كان يساعدها ، ولكن ليس في الأخبار ما يستظهر منه هذا القيد ؛ فإنّ المستفاد منها ليس بأزيد من توارد اليقين والشكّ على أمر واحد ولو لم ينطبق عليه في الآن الثاني البقاء ، كما في الزمان والزماني ، إذ لو لم يعامل في الآن الثاني حينئذ معاملته في الآن الأوّل يصدق أنّه نقض يقينه عملا.
وهذا هو المعيار في جريانه ، وهو مطّرد مع وحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة ولو لم يكن في البين بقاء ، هذا هو الكلام في جريان الاستصحاب بحسب الذات.
وأمّا فعليّته فمبنيّ على عدم محكوميّته باستصحاب عدم حدوث الفرد المحتمل الحدوث مقارنا لوجود مقطوع الزوال أو لزواله وقد عرفت أنّ هذا الاستصحاب حاكم في الجوامع الشرعيّة.
وعلى هذا فلو غسل الثوب المتنجّس بالدم مرّه ، واحتمل ملاقاته مع البول في حال تنجّسه بالدم أو مقارنا للغسل مرّة ، فاستصحاب أصل النجاسة ليرتّب عليه المانعيّة للصّلاة وإن كان جاريا ذاتا ، ولكن استصحاب عدم ملاقاة البول يرفع هذا الشكّ ، ويترتّب عليه بعد وجدان حدوث الدم أنّ الغسل مرّة كاف لطهارة المحلّ وارتفاع نجاسته ، وهذا واضح من التقرير السابق ، فراجع.
ثمّ إنّ شيخنا المرتضى بعد ما اختار التفصيل المتقدّم قال : ويستثنى من عدم الجريان في القسم الثاني ما يتسامح فيه العرف ، فيعدّون الفرد اللاحق مع الفرد السابق كالمستمرّ الواحد ، مثل ما لو علم السواد الشديد في محلّ وشكّ في تبدّله بالبياض أو بسواد أضعف من الأوّل ، فإنّه يستصحب السواد ، إلى أن قال : وبالجملة ، فالعبرة في جريان الاستصحاب عدّ الموجود السابق مستمرّا إلى اللاحق ولو كان الأمر اللاحق على تقدير وجوده مغايرا بحسب الدقّة للفرد السابق ، انتهى المقصود من كلامه الشريف.
وقال المحقّق الخراساني في ما علّقه هنا : بل يجري في مثله مع ابتنائه (أي الاستصحاب) على المداقّة ، بناء على ما هو التحقيق من أصالة الوجود ، لما حقّق في