الثالث متّحد مع ما ذكره في صدر البحث ، وإذن فلا محيص عن وقوع سهو من قلمه قدسسره أو قلم النسّاخ.
بقي الكلام في ما تنظّر فيه شيخنا المرتضى من كلام المحقّق النراقي قدسسرهما ، وحاصل ما ذكره المحقّق المذكور أنّ الامور المجعولة الشرعيّة كالوجوب والطهارة الحدثيّة والخبثيّة إذا علم وجودها في قطعة خاصّة من الزمان ، كوجوب الجلوس يوم الجمعة ، إلى الزوال وشكّ فيها في ما بعد تلك القطعة فهنا استصحابان متعارضان ؛ لأنّ هنا شكّا ويقينين ، أمّا الشكّ ففي الوجوب في ما بعد زوال يوم الجمعة ، وأمّا اليقينان ، فلأنّ المفروض هو اليقين بالوجوب في ما قبل الزوال من يوم الجمعة ، ومقتضاه استصحاب وجود هذا الوجوب ، وكذا اليقين بعدم مجعوليّة الوجوب من الأزل في ما بعد ظهر يوم الجمعة ، ومقتضاه استصحاب بقاء هذا العدم الأزلي.
وحاصل إشكال شيخنا قدسسره عليه أنّه : لا يخلو الأمر من شقّين ، إمّا نفرض الزمان قيدا لهذا الأمر المجعول أو لمتعلّقه بأن لوحظ وجوب الجلوس المقيّد بما قبل الزوال شيئا مغايرا للجلوس المقيّد بكونه بعد الزوال ، وإمّا نفرض ظرفا له ، بأن لوحظ ما قبل الزوال ظرفا للتكليف ولوحظ الجلوس أمرا واحدا مستمرّا في الأزمنة.
فعلى الأوّل يجري استصحاب عدم وجوب هذا المقيّد ، ولا مجال لاستصحاب الوجود ؛ للقطع بارتفاع ما علم وجوده ، بل لا يتصوّر البقاء لذلك الموجود بعد فرض كون الزمان من مقوّماته.
وعلى الثاني يجري استصحاب الوجود ، ولا مجال لاستصحاب العدم ؛ لأنّ العدم انتقض بالوجود المطلق ، وقد حكم عليه بالاستمرار بمقتضى أدلّه الاستصحاب.
وانتصر شيخنا الاستاد دام أيّام إفاداته الشريفة للمحقّق المذكور على شيخنا المرتضىقدسسرهما بأنّا نختار الشقّ الأوّل تارة ، ونقول بأنّ استصحاب عدم المقيّد معارض باستصحاب جامع الوجوب المحتمل بقائه بحدوث فرد آخر له بعد زوال فرده الأوّل بلا فصل زمان ، كما في كلّ استصحاب جار في الكلّي في القسم الثالث ، فإنّه معارض باستصحاب عدم الفرد المشكوك الحدوث إذا كان أمرا مجعولا.