والحاصل أنّ المقام مقام الأخذ بالعموم دون الاستصحاب ، بل قال شيخنا المرتضىقدسسره : إنّه في هذا المورد لم يجز التمسّك بالاستصحاب وإن لم نتمسّك بعموم العام أيضا.
لكن في ما أفاده قدسسره نظر نبّه عليه سيّد المشايخ الميرزا الشيرازي قدسسره ، وهو أنّ المانع من الأخذ بالاستصحاب مع قطع النظر عن العموم ليس إلّا عدم اتحاد الموضوع ، والموضوع في الاستصحاب بعد عدم أخذه من العقل ـ كما سيجيء إن شاء الله تعالى ـ إمّا مأخوذ من الدليل ، وإمّا من العرف.
فإن اعتبرنا الأوّل فالمعيار هو الموضوع المأخوذ في دليل الحكم المستصحب ، وربّما يكون الزمان قيدا بحسب الدليل الدالّ على العموم وظرفا للحكم بحسب الدليل الدالّ على المخصّص ، وإن اعتبرنا الثاني فالأمر اوضح ، فإنّه قد يكون الزمان قيدا في دليل المخصّص أيضا ، لكنّ العرف يراه ظرفا للحكم ، مع ما عرفت من عدم ملازمة ملاحظة الأزمنة أفرادا مع كونها قيدا للمأمور به ، لما مضى من وجه آخر أيضا ، هذا على تقدير ملاحظة الأزمنة أفرادا.
وأمّا على تقدير عدم ملاحظة ذلك فالظاهر أنّ الحكم في القضيّة المفروضة يتعلّق بكلّ فرد ، ويستمرّ ذلك دائما ، حيث إنّه لم يحدّده بحدّ خاص ، ولم يقيّده بزمان خاص بالفرض ، ولا يخفي أنّ الاستمرار المستفاد هنا من مقدّمات الإطلاق حاله حال الاستمرار المستفاد من دليل الاستصحاب ، فيقتضي إطاعات عديدة بتعدّد الأزمنة ، ويكون له عصيانات كذلك.
والحاصل أنّه فرق بين استمرار نفس الحكم وبين استمرار المأمور به ، فالأوّل يفرض له إطاعات وعصيانات ، والثاني لا يفرض له إلّا إطاعة واحدة وعصيان واحد ، والمقام من قبيل الأوّل.
وكيف كان فربّما يدّعى في هذه الصورة أنّه إذا خرج الفرد من تحت العام في زمان لم يكن العام دليلا على دخوله في الزمان الآتي ؛ لأنّ دلالة العام على استمرار الحكم المتعلّق بالفرد فرع دلالته على نفس الفرد ، فإذا خرج الفرد من تحته يوم الجمعة