وإمّا يريد نفس عدالة زيد مجرّدة عن ملاحظة الزمان رأسا ، لا بنحو الظرفيّة ، ولا بوجه القيديّة ، فاليقين بأصل وجود عدالة زيد لا بدّ أن لا ينقض بالشكّ في أصل وجود تلك العدالة.
والكلام على هذا قابل للانطباق على القاعدة والاستصحاب كليهما ، وجه ذلك أنّا نفرض شخصين أحدهما قاطع بعدالة زيد يوم الجمعة مثلا وشاكّ فيها في يوم السبت ، والآخر كان قاطعا بعدالته يوم الجمعة ، ثمّ تبدّل يقينه بالشكّ في نفس عدالته يوم الجمعة ، فهما معا في عرض واحد في شمول عموم «لا تنقض» لهما.
فمقتضاه في حقّ الأوّل أن لا يرفع اليد عن يقين عدالة يوم الجمعة بالشكّ في يوم السبت ، ومعناه البناء على العدالة يوم السبت ، ومقتضاه في حقّ الثاني أن لا يرفع اليد عن يقين عدالة يوم الجمعة بالشكّ في يوم الجمعة ، ومعناه البناء على ترتيب آثار العدالة يوم الجمعة لو كان له آثار في المستقبل ، وبالجملة ، فاليقين بأصل الشيء إذا قوبل بالشكّ في أصل الشيء يجب الأخذ باليقين وطرح الشكّ ، وهذا حاصل تقريب الوجه الأوّل.
وقد أجاب عنه شيخنا الاستاد العلّامة أدام الله علينا أيّامه بما حاصله يحتاج إلى تمهيد مقدّمة ، وهي أنّ الطبيعة المهملة للشيء التي يكون لها أنحاء من الوجود ويعرضها الحياة بعدد ما لها من الأفراد لا يمكن أن يطرأها العدم والحال أنّ أحد أنحاء وجوده ثابت ، للزوم اجتماع النقيضين ، مثلا طبيعة الإنسان لا يعرضها العدم إلّا اذا انعدم تمام ما له من الأفراد ، فلو انعدم العمرو وكان الزيد موجودا فلا يصدق عدم الطبيعة ؛ إذ المفروض صدق وجودها بواسطة وجود الزيد ، وبعد صدق الوجود يستحيل بداهة صدق العدم.
فإن قلت : ما ثبت لأحد المتحدين ثبت للآخر بالضرورة ، ولا ينقض هذا بجزئية الزيد وكليّة النوع ؛ لأنّ الجزئية والكليّة من عوارض المفهوم ، وهما متغايران مفهوما وإن اتّحدا خارجا ، فالعارض على أحدهما في الخارج الذي هو موطن اتّحادهما لا محالة يثبت للآخر ، وإلّا كان خلفا في الاتّحاد ، مثلا لو قام الزيد