صدق أنّه قام الإنسان ، ولو قعد العمرو في ذلك الحال صدق أنّه قعد الإنسان ، ثمّ لمّا يصدق أنّ زيدا ما قعد بحكم أنّ ضدّ الشيء يلازم نقيضه ، يصدق أيضا : ما قعد الإنسان، ولكنّ الحصّة المتّحدة مع الزيد غير الحصّة المتّحدة مع العمرو ، ولهذا لا يلزم اجتماع النقيضين ولا الضدين في الشيء الواحد.
والحاصل : كما أنّ عوارض الوجود ونقائضها مضافة إلى الطبيعي بواسطة اتّصاف الأفراد المختلفة بها ، كذلك الوجود والعدم أيضا مضافان إليها بواسطة إضافتهما إلى الفردين له ، ويرفع غائلة اجتماع الضدّين والنقيضين تعدّد الحصص المتّحدة من الطبيعي مع الأفراد وكونها كالآباء مع الأولاد ، لا الأب الواحد مع الأولاد المتعدّدين.
قلت : الحقّ الفرق بين الضدّين والنقيضين في الطبيعي بصدق الأوّلين معا في زمان واحد فيه بواسطة اتّصاف فردين منه بهما ، وعدم صدق الثانيين ، أمّا الأوّل فلأنّ محلّ عروض الضدّين هو الوجود ، لا نفس الطبيعة المهملة ، فالقيام والقعود مثلا إنّما يعرضان مهملة الإنسان بتبع عروض الوجود عليها ، فإنّ العارض على العارض عارض ، فإذا فرض تعدّد أنحاء الوجود للمهملة وأمكن تلبّس كلّ وجود منها بضدّ غير ما تلبّس الآخر به صحّ إضافة الضدّين إلى المهملة في زمان واحد.
وأمّا الثاني فلأنّه إذا تعدّد أنحاء الوجود العارضة على الطبيعي ، فنحو من وجوده وجوده مع زيد ، ونحو منه وجوده مع عمرو ، وهكذا إلى آخر الأفراد ، وهكذا الحال في الأعراض العارضة عليه بتبع عروض الوجود مثل القيام والقعود ، فلا محالة لا يصدق الانعدام مضافا إلى الطبيعي أو إلى أحد الأعراض المتأخّرة عن الوجود مضافا إلى الطبيعي إلّا بعد سلب جميع تلك الأنحاء الوجوديّة عنه ؛ إذ مع ثبوت واحد من تلك الأنحاء لا مجال لصدق الانعدام مع ضرورة النقاضة بينه وبين الوجود.
وعلى هذا فلا ضير في اجتماع الضدّين في الطبيعي في زمان واحد ، إذ قد عرفت