الوجه الثالث ـ فعدم نقض يقينه حينئذ بالشكّ في أصل الشيء وإن كان يعمّ الشكوك المتأخّرة ، فيلزم البناء على آثار العدالة مثلا في يوم السبت والأحد وما بعده في المثال المتقدّم ، إلّا أنّه حينئذ تصير قاعدة نظير قاعدة الطهارة ، وليست بقاعدة الاستصحاب ولا قاعدة اليقين ، وذلك لعدم المفروغيّة عن أصل الثبوت فيه المعتبر في الاستصحاب وكونه متعرّضا للشكوك المتأخّرة المفقودة في قاعدة اليقين.
وقد تحقّق ممّا ذكرنا أنّ المعتبر في قاعدة اليقين أخذ الزمان قيدا في المتيقّن والمشكوك ، فمتعلّقهما شيء واحد من جميع الخصوصيّات حتى الزمان ، ولا اختلاف بينهما حتى في الزمان والاختلاف الزماني إنّما هو لوصفي اليقين والشكّ ، وإلّا فالمتعلّق واحد لا اختلاف فيه ، والمعتبر في الاستصحاب تجريد المتعلّق عن الزمان بنحو القيديّة وملاحظة الوحدة بين ما كان منه في الزمان السابق وما كان في اللاحق ، ولكن ملاحظة الزمان أيضا لا بدّ منه لكي يكون اليقين متعلّقا بالحدوث والزمان السابق ، والشكّ بالبقاء والزمان اللاحق ، والجمع بين هذين أعني الاتّحاد بين المتعلّقين ومفروغيّة أصل الثبوت إنّما هو بلحاظ الزمان السابق واللاحق ظرفين للموصوفين لا للوصفين.
وأنت خبير بأنّ ملاحظة الزمان قيدا في الشيء وظرفا له ـ فينثلم وحدته في الأوّل ولا ينثلم في الثاني ـ لحاظان متغايران غير مجتمعين في لحاظ واحد ، وهذا مع ملاحظة الزمان بنحو ما في المتعلّق.
ومع تجريده عنه رأسا بنحو من الوجهين أيضا قد عرفت عدم صيرورة القضيّة جامعة بين المعنيين ، وقد عرفت حال الغاية أيضا آنفا.
وقد أشار شيخنا المرتضى قدسسره إلى الوجه الثاني لوجهي الجمع الذي هو نظير ما توهّم في قوله : «كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» وردّه بأنّه مستلزم للاستعمال في معنيين ، ومقصوده قدسسره ما ذكرنا ، لا ربّما يتوهّم في بادي النظر من أنّ محطّ كلامه إرادة بقاء الحكم ببقاء الشكّ ، كيف وقد أوضح هو نفسه في طيّ