وعلى هذا لا يبقي ترجيح لأحدهما على الآخر ، بل هما في عرض واحد ، فأحدهما يثبت وجوب ترتيب آثار وجود العدالة ، والآخر وجوب ترتيب آثار عدمها ، وبين هذين المضمونين تهافت وتناقض بدون سبق لأحدهما على الآخر.
ثمّ إنّ الظاهر من كلام شيخنا العلّامة قدسسره أنّ وجود هذا التعارض دائميّ.
واستشكل عليه شيخنا الاستاد دام ظلّه بأنّه إنّما يتمّ لو اريد من اليقين بالعدم الثابت قبل يوم الجمعة اليقين بعدم هذا المقيّد ، فإنّه حينئذ دائميّ ؛ إذ ما من مقيّد بزمان إلّا وهو مسبوق بعدمه قبل ذلك الزمان.
وأمّا لو اريد به اليقين بعدم العدالة المطلقة كما هو الظاهر ، بل الصريح من كلامه ، ففيه أنّه لا يلزم أن يكون هذه المعارضة دائميّة ؛ إذ ربّما لا يكون هنا حالة سابقة من أوّل وجود الزيد ، نعم حينئذ يجري أصالة عدم العدالة بنحو مفاد ليس التامّة ، لكن إنّما يفيد هذا لو كان مورد الأثر هو بهذا المعنى ، وأمّا إذا كان الأثر لثبوت العدالة لزيد ونفيها عنه فلا يكفي هذا الاستصحاب في إثباته ، فلا معارضة حينئذ ؛ لعدم الجرى للاستصحاب ، فتدبّر.
ثمّ بعد ما عرفت من عدم إمكان إرادة القاعدتين من هذه الأخبار فنقول : لا بدّ من حملها على الاستصحاب بملاحظة تطبيق العبارة عليه في بعض الأخبار بقرينة المورد ، حيث إنّ مورد بعضها الشكّ في الطهارة الحدثيّة ، والآخر الشكّ في الطهارة الخبثية بقاء مع العلم بالحدوث ، فيكون سائر الأخبار التي وردت العبارة فيها بلا سبق سؤال وتطبيق على مورد محمولا على هذا المعنى حتّى لا يلزم اختلاف السياق والمضمون في العبارة الواحدة المتكرّرة في الموارد العديدة. وعلى هذا لا يبقي على قاعدة اليقين دليل.
نعم ربّما يتمسّك بقاعدة التجاوز عن المحلّ ، ولكنّها غير قاعدة اليقين ، لعدم اعتبار اليقين السابق فيها ، بل من المحتمل الغفلة في المحلّ عن المشكوك ، نعم يعمّ موارد الشكّ الساري أيضا بناء على تعميم تلك القاعدة لجميع الأبواب ، فاللازم التكلّم في تلك القاعدة، وملاحظة مقدار مدلولها.