من تخصيص دليل الأمارة على فرض تقديم الأصل ، ولكن لا يلزم ذلك في دليل الأصل على تقدير تقديم الأمارة ، بل اللازم فيه هو التخصّص ، فمراده قدسسره في المقام إثبات مثل هذه السببيّة بين القاعدة والاستصحاب.
والذي ذكره الاستاد ودام ظلّه لتوجيه هذا المعنى بينهما أن يقال : إنّ اليقين بعدم العدالة المطلقة قبل يوم الجمعة قد انتقض حقيقة بواسطة حصول اليقين بالعدالة المقيّدة يوم الجمعة ، بخلاف العكس ، فلم يحدث انتقاض لهذا اليقين الثاني باليقين الأوّل ، لفرض تأخّره عنه.
وحينئذ فمتى تبدّل هذا اليقين الثاني بالشكّ الساري ، فالموضوع للاستصحاب وإن كان يتحقّق ، إلّا أنّ القاعدة تنزل الشكّ المزبور منزلة اليقين بالعدالة المقيّدة الذي كان بوجوده مانعا ورافعا لليقين بمطلق العدالة ، فكأنّه يقول : الآن أيضا أنت على يقينك الناقض.
وهذا بخلاف الحال لو أجرينا الاستصحاب ، فليس له هذا اللسان ؛ إذ لم يحدث خارجا لليقين بعدم العدالة صفة الناقضيّة ليقين الوجود حتى ينزل الاستصحاب الشكّ الطاري بمنزلته في هذه الجهة ، فالقاعدة يثبت وجود الناقض التنزيلي للاستصحاب ، ولكنّ الاستصحاب لا يفيد وجود الناقض كذلك للقاعدة ، نعم لا يمكن مع جريانه جريان القاعدة ، فلا بدّ من رفع اليد عن حكمه مع بقاء موضوعه ، هذا غاية تقريب مرامه.
ولكن استشكل عليه شيخنا الاستاد دام ظلّه بأنّ صفة الناقضيّة إنّما هي ثابتة لنفس اليقين ، سواء كان صفة أم طريقا ، لا للمتيقّن ، ويكون أثرا عقليّا أيضا ، لا بترتيب من الشارع ، ولو فرض ورود الحكم به من الشارع كان محمولا على الإرشاد ، وقد عرفت في ما تقدّم في مبحثه أنّ النقض وعدمه ملحوظان بالنسبة إلى آثار المتيقّن ، وبعبارة اخرى إلى الآثار المترتّبة على اليقين من حيث كونه طريقا ، فلا ينظر إلى ما يرتّب على نفسه ، سواء حملنا العبارة على الاستصحاب أم على القاعدة ، فعلى كلّ منهما يكون المفاد عدم النقض لآثار العدالة المتيقّنة.